والذي يظهر أنه يعود على الرسول الذي يَتَضَمَّنُهُ الجَمْعُ، فكأنه قيل : فَحَاقَ بهم عَاقِبَةُ استهزائهم بالرسول المُنْدَرجِ في جملة الرُّسُلِ، وأمَّا على رأى الأخْفَشِ، وابن السراج فتعود على " ما " المصدريّة ؛ لأنها اسم عندهما.
و" حاق " ألفه مُنْقَلِبَةٌ عن " ياء " بدليل " يَحِيق " ن كـ " باع " " يبيع "، والمصدر حَيْق وحُيُوق وحَيَقان كالغَلَيان والنَّزَوان.
وزعم بعضهم أنه من " الحَوْق "، والمستدير بالشيء، وبعضهم أنه من " الحقّ "، فأبدلت إحدى القافين ياءً كَتَظَنَّنتُ، وهذان لَيْسَا بشيء.
أمَّا الأول فلاختلاف المَادَّةِ، إلاَّ أن يريدوا الاشتقاق الأكبر.
وأما الثاني : فلأنها دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ من غير دليلٍ، ومعنى " حاق " أحاط.
وقيل : عاد عليه وبَالُ مَكْرهِ، قاله الفراء.
وقيل : دَارَ.
وقال الربيع بن أنس : نَزَلَ.
وقال عطاء : حَلَّ، والمعنى يدور على الإحاطة والشمول، ولا تستعمل إلا في الشر.
قال الشاعر :[ الطويل ]
٢١١٥... - فأوْطَأ جُرْدَ الخَيْلْ عُقْرَ دِيَارِهِمْ
وَحَاقَ بِهِمْ مِنْ بأسِ ضَبَّةَ حَائِقُ...
وقال الراغب :" قيل : وأصله : حَقَّ، فقلب نحو " زَلَّ وزَال " وقد قرئ " فأزلهما وأزلَهُمَا " وعلى هذا ذَمَّهُ وذّامه ".
وقال الأزهري :" جعل أبو إسحاق " حاق " بمعنى " أحاط "، كأنَّ مَأخَذَهُ من " الحَوْق " وهو ما اسْتَدَارَ بالكَمَرَة ".
قال :" وجائز أن يكون الحَوْق فِعْلاً من " حاق يحيق "، كأنه في الأصل : حُيْق، فقلبت الياء واواً لانْضِمَامِ ما قلبها ".
وهل يحتاج إلى تقدير مضاف قبل " ما كانوا " ؟


الصفحة التالية
Icon