وأما قوله تعالى :﴿فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يستهزءُن﴾ المراد منه الوعيد والزجر عن ذلك الاستهزاء، فيجب أن يكون المراد بالأنباء لا نفس الأنباء بل العذاب الذي أنبأ الله تعالى به ونظيره قوله تعالى :﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ﴾ [ ص : ٨٨ ] والحكيم إذا توعد فربما قال ستعرف نبأ هذا الأمر إذ نزل بك ما تحذره، وإنما كان كذلك لأن الغرض بالخبر الذي هو الوعيد حصول العلم بالعقاب الذي ينزل فنفس العقاب إذا نزل يحقق ذلك الخبر، حتى تزول عنه الشبهة.
ثم المراد من هذا العذاب يحتمل أن يكون عذاب الدنيا، وهو الذي ظهر يوم بدر ويحتمل أن يكون عذاب الآخرة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٣٠ ـ ١٣١﴾
وقال أبو حيان :
﴿ فقد كذبوا بالحق لما جاءهم ﴾ ﴿ الحق ﴾ القرآن أو الإسلام أو محمد ﷺ أو انشقاق القمر أو الوعد أو الوعيد، أقوال والذي يظهر أنه الآية التي تأتيهم وكأنه قيل :﴿ فقد كذبوا ﴾ بالآية التي تأتيهم وهي ﴿ الحق ﴾ فأقام الظاهر مقام المضمر، لما في ذلك من وصفه بالحق وحقيقته كونه من آيات الله تعالى، وظاهر قوله ﴿ فقد كذبوا ﴾ أن الفاء للتعقيب وأن إعراضهم عن الآية أعقبة التكذيب.
وقال الزمخشري :﴿ فقد كذبوا ﴾ مردود على كلام محذوف كأنه قيل : إن كانوا معرضين عن الآيات.
﴿ فقد كذبوا ﴾ بما هو أعظم آية وأكبرها وهو الحق، لما جاءهم يعني القرآن الذي تحدوا به على تبالغهم في الفصاحة فعجزوا عنه ؛ انتهى.
ولا ضرورة تدعو إلى شرط محذوف إذ الكلام منتظم بدون هذا التقدير.


الصفحة التالية
Icon