وقال السمرقندى :
﴿ كَتَبَ على نَفْسِهِ الرحمة ﴾ فلا يعذبكم في الدنيا.
وروى عطاء عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال :" إنَّ لله مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا وَاحِدَةً فَقَسَمَها بَيْنَ الخَلائِقِ فِبِها يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الوُحُوشُ عَلَى أوْلادِها، وَادَّخَرَ لِنَفْسِهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " ويقال : كتب الرحمة حيث أمهلهم، ولم يهلكهم ليرجعوا ويتوبوا. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قُل لِّمَن مَّا فِي السماوات والأرض ﴾ هذا أيضاً احتجاج عليهم ؛ المعنى قل لهم يا محمد :﴿ لِّمَن مَّا فِي السماوات والأرض ﴾ فإن قالوا لمن هو؟ فقل هو ﴿ للَّهِ ﴾ ؛ المعنى : إذا ثبت أن له ما في السَّماوات والأرض، وأنه خالق الكل إما باعترافهم أو بقيام الحجة عليهم، فالله قادر على أن يُعاجلهم بالعقاب، ويبعثهم بعد الموت، ولكنه ﴿ كَتَبَ على نَفْسِهِ الرحمة ﴾ أي وعد بها فضلاً منه وكرماً، فلذلك أمهل.
وذكر النفس هنا عبارة عن وجوده، وتأكيد وعده، وارتفاع الوسائط دونه ؛ ومعنى الكلام الإستعطاف منه تعالى للمتولّين عنه إلى الإقبال إليه، وإخبار منه سبحانه بأنه رحيم بعباده لا يعجل عليهم بالعقوبة، ويقبل منهم الإنابة والتوبة.
وفي صحيح مسلم عن أبي هُريرة قال قال رسول الله ﷺ :" لما قضى الله الخلق كتب في كتاب على نفسه فهو موضوع عنده إن رحمتي تَغلب غضبي " أي لما أظهر قضاءه، وأبرزه لمن شاء، أظهر كتاباً في اللوح المحفوظ أو فيما شاءه مقتضاه خبر حق ووعد صدق " إنّ رحمتي تغلب غضبي " أي تسبقه وتزيد عليه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾