وقال الثعلبى :
﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ ﴾ يعني الأمم الماضية والقرن الجماعة من الناس وجمعه قرون، وقيل : القرن مدة من الزمان، يقال ثمانون سنة، ويقال : مائة سنة، ويكون معناه على هذا القول من أهل قرن ﴿ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرض مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ ﴾ يعني أعطيناهم ما لم نعطكم.
قال ابن عباس : أمهلناهم في العمر والأجسام والأولاد مثل قوم نوح وعاد وثمود، ويقال : مكنته ومكنت له فجاء [...... ] جميعاً ﴿ وَأَرْسَلْنَا السمآء ﴾ يعني المطر ﴿ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً ﴾.
تقول العرب : مازلنا نطأ السماء حتى آتيناكم مدراراً أي غزيرة كثيرة دائمة، وهي مفعال من الدر، مفعال من أسماء المبالغة، ويستوي فيه المذكر والمؤنث.
قال الشاعر :

وسقاك من نوء الثريا مزنة سعراً تحلب وابلاً مدراراً
وقوله :﴿ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ ﴾ من خطاب التنوين كقوله تعالى :﴿ حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم ﴾ [ يونس : ٢٢ ].
وقال أهل البصرة : أخبر عنهم بقوله :﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ ﴾ وفيهم محمد وأصحابه ثم خاطبهم، والعرب تقول : قلت لعبد اللّه ما أكرمه وقلت لعبد اللّه أكرمك ﴿ وَجَعَلْنَا الأنهار تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا ﴾ وخلقنا وابتدأنا ﴿ مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ ﴾. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon