ولا يخفى أن التنوين التفخيمي لا يأبى الوصف.
وما ورد فيه ذلك من النكرات أكثر من أن يحصى، وأما ما ذكره بعد فقد قال الشهاب : إنه غفلة منه أو تغافل عن تفسيرهم ﴿ فأهلكناهم ﴾ الخ الآتي بقولهم لم يغن ذلك عنهم شيئاً.
وتمكين الشيء في الأرض على ما قيل جعله قاراً فيها.
ولما لزم ذلك جعلها مقراً له ورد الاستعمال بكل منهما فقيل تارة مكنه في الأرض ومنه قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ مكناهم فِيمَا إِن مكناكم فِيهِ ﴾ [ الأحقاق : ٢٦ ] وأخرى مكن له في الأرض ومنه قوله تعالى :﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى الأرض ﴾ [ الكهف : ٨٤ ] حتى أجرى كل منهما مجرى الآخر ومنه قوله تعالى :﴿ مَا لَمْ نُمَكّن لَّكُمْ ﴾ بعدما تقدم كأنه قيل في الأول : مكنا لهم وفي الثاني : ما لم نمكنكم.
وفي "التاج" أن مكنته ومكنت له مثل نصحته ونصحت له.
وقال أبو علي : اللام زائدة مثل ﴿ رَدِفَ لَكُم ﴾ [ النمل : ٧٢ ].
وكلام الراغب في مفرداته يؤيده.
وذكر بعض المحققين أن مكنه أبلغ من مكن له، ولذلك خص المتقدم بالمتقدمين والمتأخر بالمتأخرين و﴿ مَا ﴾ إما موصولة صفة لمحذوف تقديره التمكين الذي لم نمكنه لكم أو نكرة موصوفة أي تمكيناً لم نمكنه.
وعليهما فهي مفعول مطلق والعائد إليها من الصلة أو الصفة محذوف، وقيل : إنها مفعول به لأن المراد من التمكين الإعطاء كما يشير إليه ما روي عن قتادة أي أعطيناهم ما تمكنوا به من أنواع التصرف ما لم نعطكم.
وقيل : إنها مصدرية ظرفية أي مدة عدم تمكينكم ولا يخفى بعده والخطاب للكفرة.
وقيل : لجميع الناس.
وقيل : للمؤمنين.
والظاهر الأول والالتفات لما في مواجهتهم بضعف حالهم من التبكيت ما لا يخفى.
وقيل : ليتضح مرجع الضميرين ولا يشتبه من أول الأمر، وهي نكتة في الالتفات لم يعرج عليها أهل المعاني.
﴿ وَأَرْسَلْنَا السماء ﴾ أي المطر كما روي عن هارون التيمي، ونسب إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أيضاً.


الصفحة التالية
Icon