قال الله تعالى :﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كتابا فِى قِرْطَاسٍ ﴾ يقول : مكتوباً في صحيفة ﴿ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ﴾ يقول : عاينوه وأخذوه بأيديهم ما يصدقونه ﴿ لَقَالَ الذين كَفَرُواْ ﴾ يعني : يقول الذين كفروا :﴿ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ ولا يؤمنون به. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ ﴾ الآية.
المعنى : ولو نزلنا يا محمد بمرأى منهم كما زعموا وطلبوا كلاماً مكتوباً "في قرطاس".
وعن ابن عباس : كتاباً معلّقاً بين السماء والأرض ؛ وهذا يبيّن لك أن التنزيل على وجهين ؛ أحدهما على معنى نزل عليك الكتاب بمعنى نزول الملك به.
والآخر ولو نزلنا كتاباً في قرطاس يمسكه الله بين السماء والأرض ؛ وقال :"نَزَّلْنَا" على المبالغة بطول مكث الكِتاب بين السماء والأرض.
والكتاب مصدر بمعنى الكتابة ؛ فبيّن أن الكتابة في قرطاس ؛ لأنه غير معقول كتابة إلاَّ في قرطاس أي في صحيفة، والقرطاس الصحيفة ؛ ويُقال : قُرْطاس بالضم ؛ وقَرطَس فلان إذا رمى فأصاب الصحيفة الملزقة بالهَدف.
﴿ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ﴾ أي فعاينوا ذلك ومسُّوه باليد كما اقترحوا وبالغوا في مَيْزه وتقليبه جسّاً بأيديهم، ليرتفع كل ارتياب ويزول عنهم كل إشكال، لعاندوا فيه وتابعوا كفرهم، وقالوا : سحر مبين إنما سكِّرت أبصارُنا وسُحِرنا ؛ وهذه الآية جواب لقولهم :﴿ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ ﴾ فأعلم الله بما سبق في علمه من أنه لو نزل لكذّبوا به.
قال الكَلْبيّ : نزلت في النَّضْر بن الحرث وعبد الله بن أبي أُميّة ونوفل بن خُويلد قالوا :﴿ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً ﴾ [ الإسراء : ٩٠ ] الآية. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾