وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ ولو نزَّلنا عليك كتاباً في قرطاس ﴾
سبب نزولها : أن مشركي مكة قالوا : يا محمد، والله لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله، ومعه أربعة من الملائكة يشهدون أنه من عند الله، وأنك رسوله، فنزلت هذه الآية، قاله ابن السائب، قال ابن قتيبة : والقرطاس : الصحيفة، يقال للرامي إذا أصاب الصحيفة : قَرْطَسَ، قال شيخنا أبو منصور اللغوي : القرطاس.
قد تكلموا به قديماً.
ويقال إن أصله غير عربي.
والجمهور على كسر قافه، وضمها أبو رزين، وعكرمة، وطلحة، ويحيى بن يعمر.
فأما قوله تعالى :﴿ فلمسوه بأيديهم ﴾ فهو توكيد لنزوله، وقيل : إنما علَّقه باللمس باليد إبعاداً له عن السحر، لأن السحر يُتَخَيَّلُ في المرئيات، دون الملموسات، ومعنى الآية : إنهم يدفعون الصحيح. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
لما أخبر عنهم عز وجل بأنهم كذبوا بكل ما جاءهم من آية تبع ذلك إخبار فيه مبالغة مضمنه أنه لو جاءهم أشنع مما جاء لكذبوا أيضاً، والمعنى ﴿ لو نزلنا ﴾ بمرأى منهم عليك ﴿ كتاباً ﴾ أي كلاماً مكتوباً ﴿ في قرطاس ﴾ أي في صحيفة، ويقال " قُرطاس " بضم القاف ﴿ فلمسوه بايديهم ﴾ يريد أنهم بالغوا في ميزه وتقليبه ليرتفع كل ارتياب لعاندوا فيه وتابعوا كفرهم وقالوا هذا سحر مبين، ويشبه أن سبب هذه الآية اقتراح عبد الله بن أبي امية وتعنته إذ قال للنبي ﷺ، لا أؤمن لك حتى تصعد إلى السماء ثم تنزل بكتاب فيه من رب العزة إلى عبد الله بن أبي أمية، يأمرني بتصديقك، وما أراني مع هذا كنت أصدقك، ثم أسلم بعد ذلك عبد الله وقتل شهيداً في الطائف. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon