وقال أبو حيان :
﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كتابا فِى قِرْطَاسٍ ﴾
سبب نزولها اقتراح عبد الله بن أبي أمية وتعنته إذ قال للنبيّ ﷺ : لا أؤمن لك حتى تصعد إلى السماء، ثم تنزل بكتاب فيه من ربّ العزة إلى عبد الله بن أمية يأمرني بتصديقك.
وما أراني مع هذا كنت أصدقك.
ثم أسلم بعد ذلك وقتل شهيداً بالطائف ولما ذكر تعالى تكذيبهم الحق لما جاءهم ثم وعظهم وذكرهم بإهلاك القرون الماضية بذنوبهم ذكرهم مبالغتهم في التكذيب بأنهم لو رأوا كلاماً مكتوباً ﴿ في قرطاس ﴾ ومع رؤيتهم جسوه بأيديهم، لم تزدهم الرؤية واللمس إلا تكذيباً وادعوا أن ذلك من باب السحر لا من باب المعجز عناداً وتعنتاً وإن كان من له أدنى مسكة من عقل لا ينازع فيما أدركه بالبصر عن قريب ولا بما لمسته يده، وذكر اللمس لأنهم لم يقتصروا على الرّؤية لئلا يقولوا سكرت أبصارنا، ولما كانت المعجزات مرئيات ومسموعات ذكر الملموسات مبالغة في أنهم لا يتوقفون في إنكار هذه الأنواع كلها حتى إن الملموس باليد هو عندهم مثل المرئي بالعين والمسموع بالأذن، وذكر اليد هنا فقيل مبالغة في التأكيد ولأن اليد أقوى في اللمس من غيرها من الأعضاء.
وقيل : الناس منقسمون إلى بصراء وأضراء، فذكر الطريق الذي يحصل به العلم للفريقين.
وقيل : علقه باللمس باليد لأنه أبعد عن السحر.
وقيل : اللمس باليد مقدمة الإبصار ولا يقع مع التزوير.
وقيل : اللمس يطلق ويراد به الفحص عن الشيء والكشف عنه، كما قال :﴿ وأنا لمسنا السماء ﴾ فذكرت اليد حتى يعلم أنه ليس المراد به ذلك اللمس، وجاء ﴿ لقال الذين كفروا ﴾ لأن مثل هذا الغرض يقتضي انقسام الناس إلى مؤمن وكافر، فالمؤمن يراه من أعظم المعجزات والكافر يجعله من باب السحر، ووصف السحر ب ﴿ مبين ﴾ إما لكونه بيناً في نفسه، وإما لكونه أظهر غيره. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كتابا فِى قِرْطَاسٍ ﴾


الصفحة التالية
Icon