استئناف سيق بطريق تلوين الخطاب لبيان شدة شكيمتهم في المكابرة وما يتفرع عليها من الأقاويل الباطلة إثر بيان ما هم فيه من غير ذلك.
وعن الكلبي وغيره أنها نزلت في النضر بن الحرث وعبد الله بن أبي أمية ونوفل بن خويلد لما قالوا لرسول الله ﷺ يا محمد لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله تعالى ومعه أربعة من الملائكة يشهدون أنه من عند الله تعالى وأنك رسوله، والكتاب المكتوب، والجار بعده متعلق بمحذوف وقع صفة له أو متعلق به، وقيل : إن جعل اسماً كالإمام فالجار في موضع الصفة له، وإن جعل مصدراً بمعنى المكتوب فهو متعلق به.
وجوز أن يتعلق بنزلنا وفيه بعد، والقرطاس بكسر القاف وضمها، وقرىء بهما معرب كراسة كما قيل، وممن نص على أنه غير عربي الجواليقي، وقيل : إنه مشترك ومعناه الورق، وعن قتادة الصحيفة، وفي "القاموس" "القرطاس مثلثة القاف وكجعفر ودرهم الكاغد"، وقال الشهاب : هو مخصوص بالمكتوب أو أعم منه ومن غيره.
﴿ فَلَمَسُوهُ ﴾ أي الكتاب أو القرطاس، واللمس كما قال الجوهري المس باليد فقوله تعالى :﴿ بِأَيْدِيهِمْ ﴾ لزيادة التعيين ودفع احتمال التجوز الواقع في قوله تعالى :﴿ وَأَنَّا لَمَسْنَا السماء ﴾ [ الجن : ٨ ] أي تفحصنا، وقيل : إنه أعم من المس باليد، فعن الراغب المس إدراك بظاهر البشرة كاللمس، وبالتقييد به يندفع احتمال التجوز أيضاً.
وقيل : إنما قيد بذلك لأنه الإحساس باللصوق يكون بجميع الأعضاء ولليد خصوصية في الإحساس ليست لسائرها.


الصفحة التالية
Icon