والمعنى : أنه قهر الخلق فصرّفهم على ما أراد طوعاً وكرهاً ؛ فهو المستعلي عليهم، وهم تحت التسخير والتذليل. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير ﴾ لما ذكره تعالى انفراده بتصرفه بما يريده من ضر وخير وقدرته على الأشياء ذكر قهره وغلبته، وأن العالم مقهورون ممنوعون من بلوغ مرادهم بل يفسرهم ويجبرهم على ما يريده هو تعالى و﴿ فوق ﴾ حقيقة في المكان وأبعد من جعلها هنا زائدة، وأن التقدير وهو القاهر لعباده وأبعد من هذا قول من ذهب إلى أنها هنا حقيقة في المكان، وأنه تعالى حال في الجهة التي فوق العالم إذ يقتضي التجسيم وأما الجمهور فذكروا أن الفوقية هنا مجاز.
فقال بعضهم : هو فوقهم بالإيجاد والإعدام.
وقال بعضهم : هو على حذف مضاف معناه فوق قهر عباده بوقوع مراده دون مرادهم.
وقال الزمخشري : تصوير للقهر والعلو والغلبة والقدرة كقوله :﴿ وإنا فوقهم قاهرون ﴾ انتهى.
والعرب تستعمل ﴿ فوق ﴾ إشارة لعلو المنزلة وشفوفها على غيره من الرتب ومنه قوله :﴿ يد الله فوق أيديهم ﴾ وقوله :﴿ وفوق كل ذي علم عليم ﴾ وقال النابغة الجعدي :
بلغنا السماء مجداً وجوداً وسؤددا...
وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
يريد علو الرتبة والمنزلة.
وقال أبو عبد الله الرازي : صفات الكمال محصورة في العلم والقدرة فقوله :﴿ وهو القاهر فوق عباده ﴾ إشارة إلى كمال القدرة ﴿ وهو الحكيم الخبير ﴾ إشارة إلى كمال العلم أما كونه قاهراً فلأن ما عداه تعالى ممكن الوجود لذاته، والممكن لذاته لا يترجح وجوده على عدمه ولا عدمه على وجوده إلا بترجيحه تعالى وإيجاده، فهو في الحقيقة الذي قهر الممكنات تارة في طرق ترجيح الوجود على العدم وتارة في طرق ترجيح العدم على الوجود، ويدخل فيه كل ما ذكره الله تعالى في قوله :﴿ قل اللهم مالك الملك ﴾ الآية.


الصفحة التالية
Icon