وقال أبو السعود :
﴿ وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾ تصويرٌ لقهره وعلوِّه بالغَلَبة والقُدرة ﴿ وَهُوَ الحكيم ﴾ في كل ما يفعله ويأمر به ﴿ الخبير ﴾ بأحوال عبادِه وخفايا أمورِهم، واللام في المواضع الثلاثة للقصر. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿ وَهُوَ القاهر ﴾ هذه الجملة معطوفة على جملة ﴿ وإن يمسسك الله بضرّ ﴾ [ الأنعام : ١٧ ] الآية، والمناسبة بينهما أنّ مضمون كلتيهما يبطل استحقاق الأصنام العبادة.
فالآية الأولى أبطلت ذلك بنفي أن يكون للأصنام تصرّف في أحوال المخلوقات، وهذه الآية أبطلت أن يكون غير الله قاهراً على أحد أو خبيراً أو عالماً بإعطاء كل مخلوق ما يناسبه، ولا جرم أنّ الإله تجب له القدرة والعلم، وهما جماع صفات الكمال، كما تجب له صفات الأفعال من نفع وضرّ وإحياء وإماتة، وهي تعلّقات للقدرة أطلق عليها اسم الصفات عند غير الأشعري نظراً للعرف، وأدخلها الأشعري في صفة القدرة لأنّها تعلّقات لها، وهو التحقيق.
ولذلك تتنزّل هذه الآية من التي قبلها منزلة التعميم بعد التخصيص لأنّ التي قبلها ذكرت كمال تصرّفه في
المخلوقات وجاءت به في قالب تثبيت الرسول ﷺ كما قدّمنا، وهذه الآية أوعت قدرته على كلّ شيء وعلمه بكلّ شيء، وذلك أصل جميع الفعل والصنع.