والقاهر الغالب المُكرِه الذي لا ينفلت من قدرته من عُدّي إليه فعل القهر.
وقد أفاد تعريف الجزأين القصر، أي لا قاهر إلاّ هو، لأنّ قهر الله تعالى هو القهر الحقيقي الذي لا يجد المقهور منه ملاذاً، لأنّه قهر بأسباب لا يستطيع أحد خلق ما يدافعها.
وممّا يشاهد منها دوماً النوم وكذلك الموتُ.
سبحان من قهر العباد بالموت.
و﴿ فوق ﴾ ظرف متعلَّق بِ ﴿ القاهر ﴾، وهو استعارة تمثيلية لحالة القاهر بأنَّه كالذي يأخذ المغلوب من أعلاه فلا يجد معالجة ولا حراكاً.
وهو تمثيل بديع ومنه قوله تعالى حكاية عن فرعون ﴿ وإنّا فوقهم قاهرون ﴾ [ الأعراف : ١٢٧ ].
ولا يفهم من ذلك جهة هي في علوّ كما قد يتوهّم، فلا تعدّ هذه الآية من المتشابهات.
والعباد : هم المخلوقون من العقلاء، فلا يقال للدوابّ عباد الله، وهو في الأصل جمع عبد لكن الاستعمال خصّه بالمخلوقات، وخصّ العبيد بجمع عبد بمعنى المملوك.
ومعنى القهر فوق العباد أنّه خالق ما لا يدخل تحت قُدرهم بحيث يوجدُ ما لا يريدون وجوده كالموت، ويمنع ما يريدون تحصيله كالولد للعقيم والجهل بكثير من الأشياء، بحيث إنّ كلّ أحد يجد في نفسه أموراً يستطيع فعلها وأموراً لا يستطيع فعلها وأموراً يفعلها تارة ولا يستطيع فعلها تارة، كالمشي لمن خَدِرت رجله ؛ فيعلم كلّ أحد أنّ الله هو خالق القُدر والاستطاعات لأنّه قد يمنعها، ولأنّه يخلق ما يخرج عن مقدور البشر، ثم يقيس العقل عوالم الغيب على عالم الشهادة.
وقد خلق الله العناصر والقوى وسلّط بعضها على بعض فلا يستطيع المدافعة إلاّ ما خوّلها الله.
والحكيم : المحكم المتقن للمصنوعات، فعيل بمعنى مفعل، وقد تقدّم في قوله :﴿ فاعلموا أنّ الله عزيز حكيم ﴾ في سورة [ البقرة : ٢٠٩ ] وفي مواضع كثيرة.
والخبير : مبالغة في اسم الفاعل من ( خَبَر ) المتعدّي، بمعنى ( علم )، يقال : خبر الأمر، إذا علمه وجرّبه.
وقد قيل : إنّه مشتقّ من الخَبر لأنّ الشيء إذا علم أمكن الإخبار به. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾

فصل



الصفحة التالية