أما لو كان المراد منها الفوقية بالجهة فإن ذلك لا يفيد هذا المقصود لأنه لا يلزم من مجرد كونه حاصلاً في جهة فوق أن يكون التعويل عليه في كل الأمور مفيداً وأن يكون الرجوع إليه في كل المطالب لازماً.
أما إذا حملنا ذلك على فوقية القدرة حسن ترتيب هذه النتيجة عليه فظهر بمجموع ما ذكرنا أن المراد ما ذكرناه، لا ما ذكره أهل التشبيه والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٤٤ ـ ١٤٥﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾ قيل هو استعارة تمثيلية وتصوير لقهره سبحانه وتعالى وعلوه عز شأنه بالغلبة والقدرة، وجوز أن تكون الاستعارة في الظرف بأن شبه الغلبة بمكان محسوس، وقيل : إنه كناية عن القهر والعلو بالغلبة والقدرة، وقيل : إن ﴿ فَوْقَ ﴾ زائدة وصحح زيادتها وإن كانت اسماً كونها بمعنى على وهو كما ترى، والداعي إلى التزام ذلك كله أن ظاهر الآية يقتضي القول بالجهة والله تعالى منزه عنها لأنها محدثة بإحداث العالم وإخراجه من العدم إلى الوجود، ويلزم أيضاً من كونه سبحانه وتعالى في جهة مفاسد لا تخفى، وأنت تعلم أن مذهب السلف إثبات الفوقية لله تعالى كما نص عليه الإمام الطحاوي وغيره، واستدلوا لذلك بنحو ألف دليل، وقد روى الإمام أحمد في حديث الأوعال عن العباس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله ﷺ قال :" والعرش فوق ذلك والله تعالى فوق ذلك كله " وروى أبو داود عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قوله ﷺ للرجل الذي استشفع بالله تعالى عليه :" ويحك أتدري ما الله تعالى؟ إن الله تعالى فوق عرشه وعرشه فوق سماواته وقال بأصابعه مثل القبة وأنه ليئط به أطيط الرحل الجديد بالراكب " ٢.


الصفحة التالية
Icon