لكن أهذه الصفات التي فيك هي عين الصفات التي في الله؟ لا ؛ لأن صفات الله إنما نأخذها في إطار ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾. ونحن نشاهد ذلك في أنفسنا ؛ فالإنسان منا له حال حياة، وحال موت. وفي حال الحياة له حالتان : حالة يقظة، وحالة نوم. وفي حالة اليقظة نحن نرى بقانون البصر، ولهذا البصر حدود ؛ فهو محكوم بقانون الضوء، وكذلك السمع محكوم بقانون الصوت والموجة والذبذبة.
ومع ذلك فالإنسان ينام ويغمض عينيه ويرى رؤيا فيها ألوان حمراء وخضراء وغيرها، فبأي شيء أدركت الألوان وعينك مغمضة؟ إذن فما دام في البشر رؤيا بدون عين فلا تقل عن رؤيا الله لنا إن له عيوناً مثل عيوننا، بل هو يرى في إطار ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾. إنه سبحانه وتعالى قيوم يحكم عبادَه في الزمان والمكان في حالة يقظتهم وفي حالة نومهم.
ومثال من حياتنا اليومية، نحن نجد الرجل وزوجه ينامان في فراش واحد، وقد يرى الرجل في المنام أنه يواجه أعداءه، وترى الزوجة نفسها محاطة بسعادة الأبناء والأحفاد، ويستقيظ كل منهما ليحكي ما رأى في أكثر من ساعة، على الرغم من أن مخ الإنسان لا يعمل في أثناء النوم إلا لسبع ثوان.
إذن، ففي النوم تُلغى المعية وكذلك الزمن، والمكان. فإذا كانت تلك هي القوانين التي تحكم الإنسان، فعلينا أن نعرف أن خالق كل القوانين وهو الحق لا يمكن إدراك صفاته، وعلينا أن نأخذها في إطار :﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon