فصل


قال صاحب الميزان :
قوله تعالى :( وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم ) السكون في الليل والنهار هو الوقوع في ظرف هذا العالم الطبيعي الذى يدبر أمره بالليل والنهار، ويجرى نظامه بغشيان النور الساكب من شمس مضيئة، وعمل التحولات النورية فيه بالقرب والبعد والكثرة والقلة والحضور والغيبة والمسامتة وغيرها.
فالليل والنهار هما المهد العام يربى فيه العناصر الكلية ومواليدها تربيه تسوق كل جزء من أجزائها وكل شخص من أشخاصها إلى غايته التى قدرت له، وتكملها روحا وجسما.
وكما أن للمسكن عاما وخاصا دخلا تاما في كينونة الساكن كالإنسان مثلا يسكن أرضا فيطوف بها في طلب الرزق، ويرتزق مما يخرج منها من حب وفاكهة وما يتربى فيها من حيوان، ويشرب من مائها، ويستنشق من هوائها، ويفعل وينفعل من كيفيات منطقتها، وينمو جميع أجزاء جسمه على حسب تقديرها كذلك الليل والنهار لهما الدخل التام في تكون عامة ما يتكون فيهما.
والإنسان من الأشياء الساكنة في الليل والنهار تكون بمشية الله من ائتلاف أجزاء بسيطة ومركبة على صورة خاصة يمتاز وجوده حدوثا وبقاءا بحياة تقوم على شعور فكرى وإرادة يتهيان له من قوى له باطنية عاطفية تأمره بجذب المنافع ودفع المضار، وتدعوه إلى إيجاد مجتمع متشكل فيه ما نراه من تفاصيل التفاهم باللغات والتبانى على اتباع السنن والقوانين والعادات في المعاشرات والمعاملات، واحترام الاراء والعقائد العامة في الحسن والقبح والعدل والظلم والطاعة والمعصية والثواب والعقاب والجزاء والعفو.


الصفحة التالية
Icon