وقال الزمخشرى :
﴿ الذين ءاتيناهم الكتاب ﴾ يعني اليهود والنصارى يعرفون رسول الله ﷺ بحليته ونعته الثابت في الكتابين معرفة خالصة ﴿ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ ﴾ بحلاهم ونعوتهم لا يخفون عليهم ولا يلتبسون بغيرهم.
وهذا استشهاد لأهل مكة بمعرفة أهل الكتاب به وبصحة نبوّته.
ثم قال :﴿ الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُم ﴾ من المشركين من أهل الكتاب الجاحدين ﴿ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ به، جمعوا بين أمرين متناقضين، فكذبوا على الله بما لا حجة عليه، وكذبوا بما ثبت بالحجة البينة، والبرهان الصحيح، حيث قالوا :﴿ لَوْ شَاء الله مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ ءَابَاؤُنَا ﴾ [ الأنعام : ١٤٨ ] وقالوا :﴿ والله أَمَرَنَا بِهَا ﴾ [ الأعراف : ٢٨ ] وقالوا :﴿ الملائكة بَنَاتُ الله ﴾ و﴿ هَؤُلاء شفعاؤنا عِندَ الله ﴾ [ يونس : ١٨ ] ونسبوا إليه تحريم البحائر والسوائب، وذهبوا فكذبوا القرآن والمعجزات، وسموها سحراً، ولم يؤمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿الكشاف حـ ٢ صـ ١١ ـ ١٢﴾
وقال السمرقندى :
﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ ﴾ يعني : التوراة والإنجيل ﴿ يَعْرِفُونَهُ ﴾ يعني : محمداً ﷺ بنعته وصفته ﴿ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ ﴾ وقال عبد الله بن سلام : أنا أعرف بالنبي ﷺ من ابني لأني أشهد أنه رسول الله ﷺ، ولا أشهد لابني، لأني لا أدري ما أحدثت النساء بعدي.
ثم قال :﴿ الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ يعني : كعب بن الأشرف ومن تابعه ممن طلبوا الرئاسة، آثروا الدنيا على الآخرة. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾