قال القاضي أبو محمد : وتأول ابن سلام رضي الله عنه المعرفة بالابن تحقق صحة نسبه، وغرض الآية إنما هو الوقوف على صورته فلا يخطىء الأب فيها، وقالت فرقة : الضمير من ﴿ يعرفونه ﴾ عائد على القرآن المذكور قبل.
قال القاضي أبو محمد : ويصح أن تعيد الضمير على هذه كلها دون اختصاص، كأنه وصف أشياء كثيرة، ثم قال : أهل الكتاب ﴿ يعرفونه ﴾ أي ما قلنا وما قصصنا وقوله تعالى :﴿ الذين خسروا ﴾ الآية، يصح أن يكون ﴿ الذين ﴾ نعتاً تابعاً ل ﴿ الذين قبله ﴾، والفاء من قوله ﴿ فهم ﴾ عاطفة جملة على جملة، وهذا يحسن على تأويل من رأى في الآية قبلها أن أهل الكتاب متوعدون مذمومون لا مستشهد بهم، ويصح أن يكون ﴿ الذين ﴾ رفعاً بالابتداء على استئناف الكلام، وخبره ﴿ فهم لا يؤمنون ﴾ والفاء في هذا جواب، ﴿ وخسروا ﴾ معناه غبنوها، وقد تقدم، وروي أن كل عبد له منزل في الحاجة ومنزل في النار، فالمؤمنون ينزلون منازل أهل الكفر في الجنة والكافرون ينزلون منازل أهل الجنة في النار فهاهنا هي الخسارة بينة والربح للآخرين. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله عز وجل :﴿ الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ﴾ المراد بالذين أوتوا الكتاب علماء اليهود والنصارى الذين كانوا في زمن رسول الله ﷺ وذلك أن كفّار مكة لما قالوا للنبي ﷺ إنا سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أنه ليس لك عندهم ذكر وأنكروا معرفته بين الله عز وجل أن شهادته له كافية على صحة نبوته وبين في هذه الآية أنهم يعرفونه وأنهم كذبوا في قولهم إنهم لا يعرفونه.


الصفحة التالية
Icon