ثم إن كان المشركون قد سألوا من النبي ﷺ أن يتّخذ أصنامهم أولياء كان لتقديم المفعول نكتة اهتمام ثانية وهي كونه جواباً لكلام هو المقصود منه كما في قوله :﴿ أفغير الله تَأمُرُونيَ أعْبُدُ أيّها الجاهلون ﴾ [ الزمر : ٦٤ ] وقوله :﴿ قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة إلى قوله قال أغير الله أبغيكم إلهاً ﴾ [ الأعراف : ١٢ ].
وأشار صاحب "الكشاف" في قوله :﴿ أغير الله أبغي ربّاً ﴾ الآتي في آخر السورة إلى أنّ تقديم ﴿ غير الله ﴾ على ﴿ أبغي ﴾ لكونه جواباً عن ندائهم له إلى عبادة آلهتهم.
قال الطيبي : لأنّ كل تقديم إمّا للاهتمام أو لجواب إنكار.
والوليّ : الناصر المدبّر، ففيه معنى العلم والقدرة.
يقال : تولّى فلاناً، أي اتّخذه ناصراً.
وسمّي الحليف وليّاً لأنّ المقصود من الحلف النصرة.
ولمّا كان الإله هو الذي يرجع إليه عابده سمّي وليّاً لذلك.
ومن أسمائه تعالى الولي.
والفاطر : المبدع والخالقُ.
وأصله من الفطر وهو الشقّ.
وعن ابن عباس : ما عرفت معنى الفاطر حتى اختصم إليّ أعرابيات في بئر، فقال أحدهما : أنا فطرتُها.
وإجراء هذا الوصف على اسم الجلالة دون وصف آخر استدلال على عدم جدارة غيره لأن يتّخذ وليّاً، فهو ناظر إلى قوله : في أول السورة ﴿ الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربّهم يعدلون ﴾ [ الأنعام : ١ ].
وليس يغني عنه قوله قبله ﴿ قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله ﴾ [ الأنعام : ١٢ ] لأنّ ذلك استدلال عليهم بالعبودية لله وهذا استدلال بالافتقار إلى الله في أسبَاب بقائهم إلى أجل. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾