والحق سبحانه هو الغني لذاته الجواد لذاته، وترك الغني الجواد، والذهاب إلى الفقير المحتاج ممنوع عنه في صريح العقل.
وإذا عرفت هذا فنقول : قد سبق في هذا الكتاب بيان أن الولي معناه الأصلي في اللغة : هو القريب.
وقد ذكرنا وجوه الاشتقاقات فيه.
فقوله ﴿قل أغير الله أتخذ ولياً﴾ يمنع من القرب من غير الله تعالى.
فهذا يقتضي تنزيه القلب عن الالتفات إلى غير الله تعالى، وقطع العلائق عن كل ما سوى الله تعالى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٤٠﴾
وقال الثعلبى :
﴿ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ ﴾ أي وهو يرزق ولا يرزق وإليه قوله عز وجل ﴿ مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ﴾ [ الذاريات : ٥٧ ].
وقرأ عكرمة والأعمش : ولا يَطعم بفتح الياء أي وهو يرزق ولا يأكل.
وقرأ أشهب العقيلي : وهو يُطعِم ولا يُطعَم كلاهما بضم الياء، وكسر العين.
قال الحسن بن الفضل : معناه هو القادر على الإطعام وترك الإطعام كقوله ﴿ يَبْسُطُ الرزق لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ ﴾ [ الرعد : ٢٦ ].
وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول : سمعت أبا منصور الأزهري بهراة يقول : معناه وهو يطعم ولا يستطعم، يقول العرب : أطعمت غيري بمعنى استطعمت.
وأنشد :

إنّا لنطعم من في الصيف مطعماً وفي الشتاء إذا لم يؤنس القرع
أي استطعمنا وقيل : معناه وهو يطعم يعني اللّه ولا يطعم يعني الولي. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon