وقال الآلوسى :
﴿ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ ﴾ أي يرزق ولا يرزق كما أخرجه ابن جرير وغيره عن السدي، فالمراد من الطعم الرزق بمعناه اللغوي وهو كل ما ينتفع به بدليل وقوعه مقابلاً له في قوله تعالى :﴿ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مّن رّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ﴾ [ الذاريات : ٥٧ ] وعبر بالخاص عن العام مجازاً لأنه أعظمه وأكثره لشدة الحاجة إليه، ويحتمل أنه اكتفى بذكره عن ذكره لأنه يعلم من ذلك نفي ما سواه فهو حقيقة، والجملة في محل نصب على الحالية، وعن أبي عمرو والأعمش وعكرمة أنهم قرأوا ﴿ وَلاَ يُطْعَمُ ﴾ بفتح الياء والعين أي ولا يأكل والضمير لله تعالى، ومثله قراءة أبي عبلة بفتح الياء وكسر العين، وقرأ يعقوب بعكس القراءة الأولى أعني بناء الأول للمفعول والثاني للفاعل، والضمير حينئذٍ في الفعلين لغير الله تعالى أي أتخذ من هو مرزوق غير رازق ولياً، والكلام وإن كان مع عبدة الأصنام إلا أنه نظر إلى عموم غير الله تعالى وتغليب أولي العقول كعيسى عليه الصلاة والسلام لأن فيه إنكار أن يصلح الأصنام للألوهية من طريق الأولى، وقد يقال : الكلام كناية عن كونه مخلوقاً غير خالق كقوله تعالى :﴿ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴾ [ النحل : ٢٠ والفرقان : ٣ ] ويحمل الفعل على معنى النفع لا يرد شيء رأساً، وقرأ الأشهب ﴿ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ ﴾ ببنائهما للفاعل، ووجهت إما بأن أفعل بمعنى استفعل كما ذكره الأزهري أي وهو يطعم ولا يستطعم أي لا يطلب طعاماً ويأخذه من غيره أو بأن المعنى يطعم تارة ولا يطعم أخرى كقوله سبحانه وتعالى ﴿ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ ﴾ [ البقرة : ٢٤٥ ] والضميران لله تعالى، ورجوع الضمير الثاني لغير الله تعالى تكلف يحتاج إلى التقدير. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾