وقوله : ولا تكوننّ من المشركين } عطف على قوله :﴿ قل ﴾، أي قل لهم ذلك لييْأسوا.
والكلام نهي من الله لرسوله مقصود منه تأكيد الأمر بالإسلام، لأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه، فذكر النهي عن الضدّ بعد ذلك تأكيد له، وهذا التأكيد لتقطع جرثومة الشرك من هذا الدين.
و﴿ من ﴾ تبعيضية، فمعنى ﴿ من المشركين ﴾ أي من جملة الذين يشركون، ويحتمل أنّ النهي عن الانتماء إلى المشركين، أي هو أمر بالبراءة منهم فتكون ﴿ من ﴾ اتّصالية ويكون ﴿ المشركين ﴾ بالمعنى اللقبي، أي الذي اشتهروا بهذا الاسم، أي لا يكن منك شيء فيه صلة بالمشركين، كقول النّابغة :
فإنِّي لَسْتُ منك ولست منّي
والتأييس على هذا الوجه أشدّ وأقوى.
وقد يؤخذ من هذه الآية استدلال للمأثور عن الأشعري : أنّ الإيمان بالله وحده ليس ممّا يجب بدليل العقل بل تتوقّف المؤاخذة به على بعثة الرسول، لأنّ الله أمر نبيّه ﷺ أن ينكر أن يتّخذ غير الله وليّاً لأنّه فاطر السماوات والأرض، ثم أمره أن يقول ﴿ إنّي أمرت أن أكون أول من أسلم ﴾ ثم أمره بما يدلّ على المؤاخذة بقوله :﴿ إنّي أخاف إن عصيت ربّي إلى قوله فقد رحمه ﴾ [ الأنعام : ١٥، ١٦ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon