وقال ابن عطية :
﴿ يمسسك ﴾ معناه يصبك وينلك، وحقيقة المس هي بتلاقي جسمين فكأن الإنسان والضر يتماسان، و" الضُّر " بضم الضاد سوء الحال في الجسم وغيره، " والضَّر " بفتح الضاد ضد النفع، وناب الضر في هذه الآية مناب الشر وإن كان الشر أعم منه مقابل الخير، وهذا من الفصاحة عدول عن قانون التكلف والصنعة فإن باب التكلف وترصيع الكلام أن يكون الشيء مقترناً بالذي يختص به بنوع من أنواع الاختصاص موافقة أو مضادة، فمن ذلك قوله تعالى :﴿ إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ﴾ [ طه : ١١٨، ١١٩ ] فجعل الجوع مع العري وبابه أن يكون مع الظمأ ومنه قول امرىء القيس :[ الطويل ]
كَأَنِّيَ لَمْ أَرْكَبْ جَوَاداً لِلَذَّةٍ... وَلَمْ أَتَبَطَّنْ كَاعِباً ذَاتَ خَلْخَالِ
وَلَمْ أسْبَإِ الزِّقَّ الرَّوِيَّ ولمْ أقُلْ... لِخَيْلِيَ كُرِّي كُرَّةً بِعْدَ إجْفَالِ
وهذا كثير، قال السدي " الضر " ها هنا المرض والخير العافية.
قال القاضي أبو محمد : وهذا مثال ومعنى الآية الإخبار عن أن الأشياء كلها بيد الله إن ضر فلا كاشف لضره غيره وإن أصاب بخير فكذلك أيضاً لا راد له ولا مانع منه، هذا تقرير الكلام، ولكن وضع بدل هذا المقدر لفظاً أعم منه يستوعبه وغيره، وهو قوله :﴿ على كل شيء قدير ﴾ ودل ظاهر الكلام على المقدر فيه، وقوله :﴿ على كل شيء قدير ﴾ عموم أي على كل شيء جائز يوصف الله تعالى بالقدرة عليه. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾