فيتعذّر أن يرى القوم كلّ أفراد ما يصحّ أن يكون آية، فلذلك كان المراد بـ ﴿ كلّ ﴾ معنى الكثرة الكثيرة، كما تقدّم في قوله تعالى :﴿ ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكلّ آية ﴾ في سورة [ البقرة : ١٤٥ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿حتى إِذَا جاءُوك يجادلونك﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أن هذا الكلام جملة أخرى مرتبة على ما قبلها و﴿حتى﴾ في هذا الموضع هي التي يقع بعدها الجمل، والجملة هي قوله ﴿إِذَا جاءُوك يجادلونك﴾ يقول الذين كفروا، ويجادلونك في موضع الحال وقوله ﴿يَقُولُ الذين كَفَرُواْ﴾ تفسير لقوله ﴿يجادلونك﴾ والمعنى أنه بلغ بتكذيبهم الآيات إلى أنهم يجادلونك ويناكرونك، وفسّر مجادلتهم بأنهم يقولون ﴿إِنْ هذا إِلاَّ أساطير الأولين﴾
قال الواحدي : وأصل الأساطير من السطر، وهو أن يجعل شيئاً ممتداً مؤلفاً ومنه سطر الكتاب وسطر من شجر مغروس.
قال ابن السكيت : يقال سطر وسطر، فمن قال سطر فجمعه في القليل أسطر والكثير سطور، ومن قال سطر فجمعه أسطار، والأساطير جمع الجمع، وقال الجبائي : واحد الأساطير أسطور وأسطورة وأسطير وأسطيرة، وقال الزجاج : واحد الأساطير أسطورة مثل أحاديث وأحدوثة.
وقال أبو زيد : الأساطير من الجمع الذي لا واحد له مثل عباديد ثم قال الجمهور : أساطير الأولين ما سطره الأولون.
قال ابن عباس : معناه أحاديث الأولين التي كانوا يسطرونها أي يكتبونها.
فأما قول من فسر الأساطير بالترهات، فهو معنى وليس مفسراً.
ولما كانت أساطير الأولين مثل حديث رستم واسفنديار كلاماً لا فائدة فيه لا جرم فسرت أساطير الأولين بالترهات. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٥٥﴾
وقال ابن عاشور :
و﴿ حتى ﴾ حرف موضوع لإفادة الغاية، أي أنّ ما بعدها غاية لما قبلها.
وأصل ﴿ حتى ﴾ أن يكون حرف جرّ مثل ( إلى ) فيقع بعده اسم مفرد مدلوله غاية لما قبل ( حتّى ).