قلنا : إن ظاهر قوله ﴿وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ﴾ يرجع إلى كل ما تقدم ذكره لأنه بمنزلة أن يقال : إن فلاناً يبعد عن الشيء الفلاني وينفر عنه ولا يضر بذلك إلا نفسه، فلا يكون هذا الضرر متعلقاً بأحد الأمرين دون الآخر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٥٦ ـ ١٥٧﴾
وقال الخازن :
قوله عز وجل :﴿ وهم ينهون عنه ﴾ يعني ينهون الناس عن اتباع محمد ﷺ ﴿ وينأون عنه ﴾ يعني ويتباعدون عنه بأنفسهم نزلت في كفار مكة كانوا يمنعون الناس عن الإيمان بمحمد ﷺ وعن الاجتماع به وينهون عن استماع القرآن وكانوا هم كذلك.
وقال ابن عباس : نزلت في أبي طالب عم النبي ﷺ كان ينهى المشركين عن أذى النبي ﷺ ويمنعه منهم وينأى هو بنفسه عن الإيمان به بمعنى يبعد حتى روي أنه اجتمع إليه رؤوس المشركين وقالوا له خذ شاباً من أصبحنا وجهاً وادفع إلينا محمد.
فقال : ما أنصفتموني أدفع إليكم ابني محمداً لتقتلوه، وأربي لكم ابنكم وروي أن النبي ﷺ دعا أبا طالب إلى الإيمان فقال لولا أن تعيرني قريش لأقررت بها عينك ولكن أذب عنك ما حييت وقال في ذلك أبياتاً. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ ﴾ الضمير المرفوع ( للمشركين ) والمجرور للقرآن أي لا يقنعون بما ذكر من تكذيبه وعده حديث خرافة بل ينهون الناس عن استماعه لئلا يقفوا على حقيته فيؤمنوا به ﴿ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ﴾ أي يتباعدون عنه بأنفسهم إظهاراً لغاية نفورهم عنه وتأكيداً لنهيهم ( عنه ) فإن اجتناب الناهي عن المنهي عنه من متممات النهي، ولعل ذلك كما قال شيخ الإسلام هو السر في تأخير النأي عن النهي.


الصفحة التالية
Icon