وهذا هو التفسير الذي أخرجه ابن أبي شيبة وابن حميد وابن جرير وابن المنذر وغيرهم عن مجاهد رحمة الله تعالى عليه، وقيل : الضمير المجرور للرسول ﷺ على معنى ينهون الناس عن الإيمان به عليه الصلاة والسلام ويتباعدون عنه.
وهو التفسير الذي أخرجه أبناء جرير والمنذر وأبى حاتم ومردويه من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأخرجه أيضاً ابن جرير من طريق العوفي.
وروي ذلك عن محمد بن الحنفية والسدي والضحاك، وقيل : الضمير المرفوع لأبي طالب وأتباعه أو أضرابه والمجرور للنبي ﷺ على معنى ينهون عن أذيته عليه الصلاة والسلام ولا يؤمنون به.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن هلال أنه قال : إن الآية نزلت في عمومة النبي ﷺ وكانوا عشرة وكانوا أشد الناس معه في العلانية وأشد الناس عليه عليه الصلاة والسلام في السر، وقيل : ضمير الجمع لأبي طالب وحده وجمع استعظاماً لفعله حتى كأنه مما لا يستقل به واحد، وقيل : إنه نزل منزلة أفعال متعددة فيكون كقوله : قفا عند المازني، ولا يخفى بعده.
وروى هذا القول جماعة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أيضاً.
وروي عن مقاتل أن رسول الله ﷺ كان عند أبي طالب يدعوه إلى الإسلام فاجتمعت قريش إليه يريدون سوءاً بالنبي ﷺ فقال منشداً :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم...
حتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة...
وأبشر وقر بذاك منك عيونا
ودعوتني وزعمت أنك ناصح...
ولقد صدقت وكنت ثم أمينا
وعرضت دينا لا محالة أنه...
من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذاري سبة...
لوجدتني سمحا بذاك مبينا
فنزلت هذه الآية.
وفيها على هذا القول والذي قبله التفات، ورد الإمام القول الأخير "بأن جميع الآيات المتقدمة في ذم فعل المشركين فلا يناسبه ذكر النهي عن أذيته عليه الصلاة والسلام وهو غير مذموم".