فائدة
قال الطبرى :
وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية، قولُ من قال : تأويلُه :" وهم ينهون عنه "، عن إتباع محمد ﷺ مَنْ سواهم من الناس، وينأون عن اتباعه.
وذلك أن الآيات قبلَها جرت بذكر جماعة المشركين العادِلين به، والخبرِ عن تكذيبهم رسولَ الله ﷺ، والإعراض عما جاءهم به من تنزيل الله ووحيه، فالواجب أن يكون قوله :" وهم ينهون عنه "، خبرًا عنهم، إذ لم يأتنا ما يدُلُّ على انصراف الخبر عنهم إلى غيرهم. بل ما قبل هذه الآية وما بعدها، يدلّ على صحة ما قلنا، من أن ذلك خبر عن جماعة مشركي قوم رسولِ الله ﷺ، دون أن يكون خبرًا عن خاصٍّ منهم.
وإذ كان ذلك كذلك، فتأويل الآية : وإن يرَ هؤلاء المشركون، يا محمد، كلَّ آية لا يؤمنوا بها، حتى إذا جاؤوك يجادلونك يقولون :" إن هذا الذي جئتنا به إلا أحاديث الأوَّلين وأخبارهم " ! وهم ينهون عن استماع التنزيل، وينأون عنك فيبعدون منك ومن اتباعك " وإن يهلكون إلا أنفسهم "، يقول : وما يهلكونَ بصدّهم عن سبيل الله، وإعراضهم عن تنزيله، وكفرهم بربهم - إلا أنفسهم لا غيرها، وذلك أنهم يكسِبُونها بفعلهم ذلك، سخط الله وأليم عقابه، وما لا قِبَل لها به " وما يشعرون "، يقول : وما يدرون ما هُمْ مكسبوها من الهلاك والعطب بفعلهم. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ١٠ صـ ٣١٥ ـ ٣١٦﴾