ومن فوائد الإمام القرطبى فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى :﴿ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ﴾ النَّهي الزجر، والنأيُ البعد، وهو عام في جميع الكفار أي ينهون عن اتباع محمد ﷺ، وينأون عنه ؛ عن ابن عباس والحسن.
وقيل : هو خاص بأبي طالب ينهى الكفار عن إذاية محمد ﷺ، ويتباعد عن الإيمان به ؛ عن ابن عباس أيضاً.
وروى أهلُ السِّير قال :" كان النبيّ ﷺ قد خرج إلى الكعبة يوماً وأراد أن يصلي، فلما دخل في الصلاة قال أبو جهل لعنه الله : من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته.
فقام ابن الزِّبَعْرَى فأخذ فَرَثا ودماً فَلَطَّخَ به وجه النبي ﷺ ؛ فانفتل النبيّ ﷺ من صلاته، ثم أتى أبا طالب عَمَّه فقال :"يا عمّ ألا ترى إلى ما فُعِل بي" فقال أبو طالب : من فعل هذا بك؟ فقال النبي ﷺ : عبد الله بن الزِّبَعْرَى ؛ فقام أبو طالب ووضع سيفه على عاتقه ومشى معه حتى أتى القوم ؛ فلما رأُوا أبا طالب قد أقبل جعل القوم ينهضون ؛ فقال أبو طالب : والله لئن قام رجل لجَلَّلْتُهُ بسيفي فقعدوا حتى دنا إليهم، فقال ؛ يا بنيّ من الفاعل بك هذا؟ فقال :"عبد الله بن الزِّبَعْرَي" فأخذ أبو طالب فَرْثاً ودماً فلطَّخَ به وجوههم ولحاهم وثيابهم وأساء لهم القول ؛ فنزلت هذه الآية ﴿ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ﴾ فقال النبي ﷺ :"يا عمّ نزلت فيك آية" قال : وما هي؟ قال :"تمنع قريشاً أن تؤذيني وتأبى أن تؤمن بي" " فقال أبو طالب :
واللَّهِ لن يَصلُوا إليك بجمعهم...
حتّى أُوسَّدَ في التُّراب دَفِينَا
فاصدع بأمرك ما عليكَ غضاضةٌ...
وابْشرْ بذاك وَقَرَّ منك عُيونَا
ودَعوتَني وزعمت أنك ناصحِي...
فلقد صَدَقتَ وكنتَ قبلُ أَمينَا
وَعَرضتَ دِيناً قد عرفتُ بأنّهُ...


الصفحة التالية
Icon