﴿ فَقَالُواْ ﴾ لعظم أمر ما تحققوه ﴿ يا ليتنا نُرَدُّ ﴾ أي إلى الدنيا.
و﴿ يا ﴾ للتنبيه أو للنداء والمنادى محذوف أي يا قومنا مثلاً ﴿ نُرَدُّ وَلاَ نُكَذّبَ بآيات رَبّنَا ﴾ أي القرآن كما كنا نكذب من قبل ونقول : أساطير الأولين.
وفسر بعضهم الآيات بما يشمل ذلك والمعجزات، وقال شيخ الإسلام : يحتمل أن يراد بها الآيات الناطقة بأحوال النار وأهوالها الآمرة باتقائها بناء على أنها التي تخطر حينئذ ببالهم ويتحسرون على ما فرطوا في حقها.
ويحتمل أن يراد بها جميع الآيات المنتظمة لتلك الآيات انتظاماً أولياً.
﴿ وَنَكُونَ مِنَ المؤمنين ﴾ بها حتى لا نرى هذا الموقف الهائل كما لم ير ذلك المؤمنون. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وحرف النداء في قولهم :﴿ يا ليتنا نردّ ﴾ مستعمل في التحسّر، لأنّ النداء يقتضي بُعد المنادى، فاستعمل في التحسّر لأنّ المتمنّى صار بعيداً عنهم، أي غير مفيد لهم، كقوله تعالى :﴿ أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرّطت في جنب الله ﴾ [ الزمر : ٥٦ ].
ومعنى ﴿ نردّ ﴾ نرجع إلى الدنيا ؛ وعطف عليه ﴿ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين ﴾ برفع الفعلين بعد ( لا ) النافية في قراءة الجمهور عطفاً على ﴿ نُردّ ﴾، فيكون من جملة ما تمنّوه، ولذلك لم ينصب في جواب التمنِّي إذ ليس المقصود الجزاء، ولأنّ اعتبار الجزاء مع الواو غير مشهور، بخلافه مع الفاء لأنّ الفاء متأصّلة في السببية.
والردّ غير مقصود لذاته وإنّما تمنّوه لما يقع معه من الإيمان وترك التكذيب.
وإنّما قدّم في الذكر ترك التكذيب على الإيمان لأنّه الأصل في تحصيل المتمنّى على اعتبار الواو للمعية واقعة موقع فاء السببية في جواب التمنّي. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾
فصل
قال الفخر :