قرأ ابن عامر نرد ونكذب بالرفع فيهما ونكون بالنصب، وقرأ حمزة وحفص عن عاصم نرد بالرفع، ونكذب ونكون بالنصب فيهما، في الثلاثة، فحصل من هذا أنهم اتفقوا على الرفع في قوله ﴿نُرَدُّ﴾ وذلك لأنه داخلة في التمني لا محالة، فأما الذين رفعوا قوله ﴿وَلاَ نُكَذّبَ وَنَكُونَ﴾ ففيه وجهان : الأول : أن يكون معطوفاً على قوله ﴿نُرَدُّ﴾ فتكون الثلاثة داخل في التمني، فعلى هذا قد تمنوا الرد وأن لا يكذبوا وأن يكونوا من المؤمنين.
والوجه الثاني : أن يقطع ولا نكذب وما بعده عن الأول، فيكون التقدير : يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين، فهم ضمنوا أنهم لا يكذبون بتقدير حصول الرد.
والمعنى يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب بآيات ربنا رددنا أو لم نرد أي قد عاينا وشاهدنا ما لا نكذب معه أبداً.
قال سيبويه : وهو مثل قولك دعني ولا أعود، فههنا المطلوب بالسؤال تركه.
فأما أنه لا يعود فغير داخل في الطلب، فكذا هنا قوله ﴿يا ليتنا نُرَدُّ﴾ الداخل في هذا التمني الرد، فأما ترك التكذيب وفعل الإيمان فغير داخل في التمني، بل هو حاصل سواء حصل الرد أو لم يحصل، وهذان الوجهان ذكرهما الزجاج والنحويون قالوا : الوجه الثاني أقوى، وهو أن يكون الرد داخلاً في التمني، ويكون ما بعده إخباراً محضاً.
واحتجوا عليه بأن الله كذبهم في الآية الثانية فقال :﴿وَإِنَّهُمْ لكاذبون﴾ والمتمني لا يجوز تكذيبه، وهذا اختيار أبي عمرو.
وقد احتج على صحة قوله بهذه الحجة، إلا أنا قد أجبنا عن هذه الحجة، وذكرنا أنها ليست قوية، وأما من قرأ ﴿وَلاَ نُكَذِّبَ وَنَكُونَ﴾ بالنصب ففيه وجوه : الأول : بإضمار ( أن ) على جواب التمني، والتقدير : يا ليتنا نرد وأن لا نكذب.