" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ وقالوا ﴾ هل هذه الجملة مَعْطُوفة على جواب " لو " والتقدير ولو رُدُّوا لعادوا [ ولقالوا ]، أو هي مُسْتأنَفَةٌ ليس دَاخِلَةٌ في خبر، أو هي معطوفة على قوله :﴿ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون ﴾ [ الأنعام : ٢٨ ] ثلاثة أوجه :
ذكر الزمخشري الوجهين الأوَّل والأخير، فإنه قال :" وقالوا " عطف على " لعادوا "، أي لو رُدُّوا لكفروا، ولقالوا : إن هي إلاَّ حياتنا الدنيا، كما كانوا يقولون قبل مُعايَنةِ القيامة، ويجوز أن يُعْطَفَ على قوله :" وإنهم لكاذبون " [ على معنى : وإنهم لَقَوْمٌ كاذبون ] في كل شيء.
والوجه الأول منقول عن ابن زيد، إلاَّ أن ابن عَطِيَّة ردَّهُ فقال : وتوقِيفُ الله - تعالى - لهم في الآية بَعدها فيه دلالةٌ على البَعْثِ والإشارة إليه بقوله :" أليس هذا بالحقِّ " يردُّ على هذا التأويل، وقد يُجَابُ عن هذا باختلاف حالين : فإنَّ إقرارهم بالبعث حقيقة، إنما هو في الآخرة، وإنكارهم ذلك إنما هو في الدنيا بتقدير عَوْدهمْ إلى الدنيا، فاعرافهم به في الدار الأخرة غَيْرُ مُنَافٍ لإنكارهم إيَّاهُ في الدنيا.
قوله :﴿ إنْ هيَ إلا حَيَاتُنَا ﴾ " إن " نافية، و" هي " مبتدأ و" حَيَاتُنَا " خبرها، ولم يكتفوا بمجرد الإخبار بذلك حتى أبرزوها محصورةً في نفي وإثباتٍ، و" هي " ضمير مُبْهَمٌ يفسِّره خبره، أي : ولا نعلم ما يُرَادُ به إلاَّ بذكر خبره، وهو من الضمائر التي يفسِّرها ما بعدها لفظاً ورتبة وقد تقدم ذلك عند قوله :﴿ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ﴾ [ البقرة : ٢٩ ] وكون هذا مما يفسره ما بعده لفظاً ورتبةً فيه نظر، إذ لقائل أن يقول :" هي " تعود على شيء دلَّ على سياقِ الكلام، كأنهم قالوا : إنَّ العادة المستمرة، أو إن حَالَتَنَا وما عَهِدْنَا إلاِّ حياتنا الدنيا، واستند هذا القائل إلى قول الزَّمخشري :" هذا ضميرٌ لا يُعْلمَمُ ما يُرَادُ به إلاَّ بذكر ما بعده ".
ومثَّل الزمخشري بقول العرب " هِيَ النَّفْسُ تَتَحَمَّلُ ما حُمَّلَتْ " و" هي العرب تقول ما شاءت ".
وليس فيما قاله الزمخشري دَلِيلٌ على أن الخبر مُفَسِّرٌ للضمير.


الصفحة التالية
Icon