فالتقدير : لم يكن لهم قول هو فتنة لهم إلاّ قولهم ﴿ والله ربّنا ما كنا مشركين ﴾.
وإمّا أن يكون القول المستثنى دالاً على فتنتهم، أي على أنّهم في فتنة حين قالوه.
وأيّاً ما كان فقولهم :﴿ والله ربّنا ما كنّا مشركين ﴾ متضمّن أنّهم مفتونون حينئذٍ.
وعلى ذلك تحتمل الفتنة أن تكون بمعنى اضطراب الرأي والحيرة في الأمر، ويكون في الكلام إيجاز.
والتقدير : فافتتنوا في ماذا يجيبون، فكان جوابهم أن قالوا :﴿ والله ربّنا ما كنّا مشركين ﴾ فعدل عن المقدّر إلى هذا التركيب لأنّه قد علم أنّ جوابهم ذلك هو فتنتهم لأنّه أثرها ومظهرها.
ويحتمل أن يراد بالفتنة جوابهم الكاذب لأنّه يفضي إلى فتنة صاحبه، أي تجريب حالة نفسه.
ويحتمل أن تكون أطلقت على معناها الأصلي وهو الاختبار.
والمراد به السؤال لأنّ السؤال اختبار عمّا عند المسؤول من العلم، أو من الصدق وضدّه، ويتعيّن حينئذٍ تقدير مضاف، أي لم يكن جواب فتنتهم، أي سؤالهم عن حال إشراكهم إلاّ أن قالوا :﴿ والله ربّنا ما كنّا مشركين ﴾. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾

فصل


قال الفخر :
قرأ ابن عامر وحفص عن عاصم ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ﴾ بالتاء المنقطة من فوق وفتنتهم بالرفع، وقرأ حمزة والكسائي ﴿ثُمَّ لَمْ يَكُنِ﴾ بالياء وفتنتهم بالنصب، وأما القراءة بالتاء المنقطة من فوق ونصب الفتنة، فههنا قوله أن قالوا : في محل الرفع لسكونه اسم تكن، وإنما أنث لتأنيث الخبر كقوله من كانت أمك أو لأن ما قالوا : فتنة في المعنى، ويجوز تأويل إلا أن قالوا لا مقالتهم وأما القراءة بالياء المنقطة من تحت، ونصب فتنتهم، فههنا قوله أن قالوا : في محل الرفع لكونه اسم يكن، وفتنتهم هو الخبر.


الصفحة التالية
Icon