واعترضوا على أنفسهم بأنهم على هذا التقدير يكونون صادقين فيما أخبروا. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وقرأ الجمهور ﴿ لم تكن ﴾ بتاء تأنيث حرف المضارعة.
وقرأه حمزة، والكسائي، ويعقوب بياء المضارعة للغائبة باعتبار أنّ ﴿ قالوا ﴾ هو اسم ( كان ).
وقرأ الجمهور ﴿ فتنتهم ﴾ بالنصب على أنّه خبر ( كان )، فتكون ( كان ) ناقصة واسمها ﴿ إلاّ أن قالوا ﴾ وإنّما أخّر عن الخبر لأنّه محصور.
وقرأه ابن كثير، وابن عامر، وحفص عن عاصم بالرفع على أنّه اسم ( كان ) و﴿ أنْ قالوا ﴾ خبر ( كان )، فتجعل ( كان ) تامّة.
والمعنى لم توجد فتنة لهم إلاّ قولهم :﴿ والله ربّنا ما كنّا مشركين ﴾، أي لم تقع فتنتهم إلاّ أن نفوْا أنّهم أشركوا.
ووجه اتّصال الفعل بعلامة مضارعة للمؤنّث على قراءة نصب ﴿ فتنتهم ﴾ هو أنّ فاعله مؤنَّث تقديراً، لأنّ القول المنسبك من ( أن ) وصلتها من جملة الفتنة على أحد التأويلين.
قال أبو علي الفارسي : وذلك نظير التأنيث في اسم العدد في قوله تعالى :﴿ من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ﴾ [ الأنعام : ١٦٠ ]، لأنّ الأمثال لمّا كانت في معنى الحسنات أنّث اسم عددها.
وقرأ الجمهور ﴿ ربّنا ﴾ بالجرّ على الصفة لاسم الجلالة.
وقرأه حمزة، والكسائي، وخلف بالنصب على النداء بحذف حرفه.
وذكرُهم الربّ بالإضافة إلى ضميرهم مبالغة في التنصّل من الشرك، أي لا ربّ لنا غيره.
وقد كذّبوا وحلفوا على الكذب جرياً على سننهم الذي كانوا عليه في الحياة، لأنّ المرء يحشر على ما عاش عليه، ولأنّ الحيرة والدهش الذي أصابهم خيّل إليهم أنّهم يموّهون على الله تعالى فيتخلّصون من العقاب.
ولا مانع من صدور الكذب مع ظهور الحقيقة يومئذٍ، لأنّ الحقائق تظهر لهم وهم يحسبون أنّ غيرهم لا تظهر له، ولأنّ هذا إخبار منهم عن أمر غائب عن ذلك اليوم فإنّهم أخبروا عن أمورهم في الدنيا.