وثانيها : أن اليهود والنصارى كانوا يقولون : حصل في التوراة والإنجيل أن هاتين الشريعتين لا يتطرق إليهما النسخ والتغيير، وأنهما لا يجيء بعدهما نبي، وثالثها : ما ذكره الله تعالى في قوله ﴿وَإِذَا فَعَلُواْ فاحشة قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا ءَابَاءنَا والله أَمَرَنَا بِهَا﴾ [ الأعراف : ٢٨ ] ورابعها : أن اليهود كانوا يقولون ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ [ المائدة : ١٨ ] وكانوا يقولون ﴿لَن تَمَسَّنَا النار إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً﴾ [ البقرة : ٨٠ ] وخامسها : أن بعض الجهال منهم كان يقول : إن الله فقير ونحن أغنياء، وأمثال هذه الأباطيل التي كانوا ينسبونها ألى الله كثيرة، وكلها افتراء منهم على الله.
والنوع الثاني : من أسباب خسرانهم تكذيبهم بآيات الله، والمراد منه قدحهم في معجزات محمد ﷺ، وطعنهم فيها وإنكارهم كون القرآن معجزة قاهرة بينة، ثم إنه تعالى لما حكى عنهم هذين الأمرين قال :﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون﴾ أي لا يظفرون بمطالبهم في الدنيا وفي الآخرة بل يبقون في الحرمان والخذلان. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٤٩ ـ ١٥٠﴾
وقال الثعلبى :
﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾ أكفر.
قال الحسن : فلا أحد أظلم ﴿ مِمَّنِ افترى ﴾ اختلق ﴿ عَلَى الله كَذِباً ﴾ فأشرك به غيره ﴿ أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ﴾ يعني القرآن.
قال الحسن : كل ما في القرآن بآياتنا وآياته يعني به الدين بما فيه ﴿ لاَ يُفْلِحُ الظالمون ﴾ الكافرون. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً ﴾ يعني : ممن اختلق على الله كذباً باتخاذ الآلهة وقوله الشرك ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ﴾ يعني : بالقرآن أنه ليس من عند الله ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون ﴾ يعني : أنه لا يأمن الكافرون من عذابه.
قال في اللغة :﴿ أَنَّهُ ﴾ : مرة تكون للإشارة مثل قوله :﴿ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ ربى إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم ﴾ [ يوسف : ٩٨ ] ومرة تكون للعماد مثل قوله تعالى :﴿ وَمَن يَدْعُ مَعَ الله إِلَهَا ءَاخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكافرون ﴾ [ المؤمنون : ١١٧ ] ﴿ وَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون ﴾. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾