وقال سعيد بن جُبَير في قوله تعالى :﴿ والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ قال : اعتذروا وحَلَفوا ؛ وكذلك قال ابن أبي نَجِيح وقَتَادة : وروي عن مجاهد أنه قال : لما رأُوا أن الذنوب تغفر إلا الشرك بالله والناسَ يخرجون من النار قالوا :﴿ والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ وقيل :﴿ والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ أي علمنا أن الأحجار لا تضر ولا تنفع، وهذا وإن كان صحيحاً من القول فقد صَدَقوا ولم يكتموا، ولكن لا يُعذَرون بهذا ؛ فإن المعاند كافر غير معذور.
ثم قيل في قوله :﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ ﴾ خمس قراءات : قرأ حمزة والكِسائيّ "يكن" بالياء "فِتْنَتَهُمْ" بالنصب خبر "يكن" "إِلاَّ أَن قَالُواْ" اسمها أي إلا قولُهم ؛ فهذه قراءة بيّنة.
وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو "تكن" بالتاء "فِتْنَتَهُمْ" بالنصب "إِلاَّ أَن قَالُواْ" أي إلا مقالتُهم.
وقرأ أُبيّ وابن مسعود "وما كان بدل قوله "ثُمَّ لَمْ تَكُنْ" "فِتْنَتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ".
وقرأ ابن عامر وعاصم من رواية حفص، والأعمش من رواية المفضّل، والحسن وقَتَادة وغيرهم ﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ ﴾ بالتاء "فِتْنَتُهُمْ" بالرفع اسم "تكن" والخبر "إِلاَّ أَن قَالُواْ" فهذه أربع قراءات.
الخامسة "ثُمَّ لَمْ تَكُنْ" بالياء "فِتْنَتُهُمْ" ؛ رفع ويذكّر الفتنة لأنها بمعنى الفتون، ومثله ﴿ فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فانتهى ﴾ [ البقرة : ٢٧٥ ].
"واللَّهِ" الواو واو القسم "رَبِّنَا" نعت لله عز وجل، أو بدل.
ومن نصب فعلى النداء أي يا ربَّنا وهي قراءة حسنة ؛ لأن فيها معنى الاستكانة والتضرع، إلا أنه فَصَل بين القسم وجوابه بالمنادى. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon