وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ ومن أظلم ﴾ الآية ﴿ من ﴾ استفهام مضمنه التوقيف والتقرير، أي لا أحد أظلم ممن افترى، و﴿ افترى ﴾ معناه اختلق، والمكذب بالآيات مفتري كذب، ولكنهما منحيان من الكفر، فلذلك نصا مفسرين، و" الآيات " العلامات والمعجزات ونحو ذلك، ثم أوجب ﴿ إنه لا يفلح الظالمون ﴾ والفلاح بلوغ الأمل والإرادة والنجاح، ومنه قول عبيد :[ الراجز ]
أفْلِحْ بِمَا شِئْتَ فَقَدْ تَبْلُغُ بالضْ... ضعْفِ وقد يُخْدَعُ الأرِيبُ
قالت فرقة :﴿ لا يفلح الظالمون ﴾ [ الأنعام : ٢١ ] كلام تام معناه لا يفلحون جملة، ثم استأنف فقال : واذكر يوم نحشرهم، وقال الطبري المعنى لا يفلح الظالمون اليوم في الدنيا. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون ﴾
تقدم الكلام على ﴿ ومن أظلم ﴾ والافتراء الاختلاف، والمعنى لا أحد أظلم ممن كذب على الله أو كذب بآيات الله.
قال الزمخشري : جمعوا بين أمرين متناقضين فكذبوا على الله بما لا حجة عليه، وكذبوا بما ثبت بالحجة البينة والبرهان الصحيح حيث قالوا : لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا، وقالوا : والله أمرنا بها، وقالوا : الملائكة بنات الله وهؤلاء شفعاؤنا عند الله ونسبوا إليه تحريم السوائب والبحائر وكذبوا القرآن والمعجزات وسموها سحراً ولم يؤمنوا بالرسول ؛ انتهى.