كانوا يعتقدون أن هناك كائنات من خلق الله، لها مشاركة - عن طريق الشفاعة الملزمة عندالله - في تسيير الأحداث والأقدار. كالملائكة. أو عن طريق قدرتها على الأذى - كالجن بذواتهم أو باستخدام الكهان والسحرة لهم - أو عن طريق هذه وتلك - كأرواح الآباء والأجداد - وكل أولئك كانوا يرمزون له بالأصنام التي تعمرها أرواح هذه الكائنات ؛ ويستنطقها الكهان ؛ فتحل لهم ما تحل، وتحرم عليهم ما تحرم.. وإنما هم الكهان في الحقيقة.. هم الشركاء!
وكانوا يزاولون الشرك في تقديم الشعائر لهذه الأصنام ؛ وتقديم القربان لها والنذور - وفي الحقيقة للكهان - كما أن بعضهم - نقلاً عن الفرس - كانوا يعتقدون في الكواكب ومشاركتها في تسيير الأحداث - عن طريق المشاركة لله - ويتقدمون لها كذلك بالشعائر ( ومن هنا علاقة الحلقة المذكورة في هذه السورة من قصة إبراهيم عليه السلام بموضوع السورة كما سيأتي ).
وكذلك كانوا يزاولون اللون الثالث من الشرك بإقامتهم لأنفسهم - عن طريق الكهان والشيوخ - شرائع وقيماً وتقاليد، لم يأذن بها الله.. وكانوا يدعون ما يدعيه بعض الناس اليوم من أن هذا هو شريعة الله!
وفي هذا المشهد - مشهد الحشر والمواجهة - يواجه المشركين - كل أنواع المشركين بكل ألوان الشرك - بسؤالهم عن الشركاء - كل أصناف الشركاء - أين هم؟ فإنه لا يبدو لهم أثر ؛ ولا يكفون عن أتباعهم الهول والعذاب :
﴿ ويوم نحشرهم جميعاً، ثم نقول للذين أشركوا : أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون؟ ﴾..
والمشهد شاخص، والحشر واقع، والمشركون مسؤولون ذلك السؤال العظيم.. الأليم :﴿ أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون؟ ﴾..