وإطلاق ﴿ الساعة ﴾ على وقت الموت مجاز، ويمكن حمل الساعة على الحقيقة وهو يوم القيامة ولا يلزم من تحسرهم وقت الموت أنهم لا يتحسرون يوم القيامة، بل الظاهر ذلك لقوله :﴿ وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ﴾ إذ هذا حال من قولهم :﴿ قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها ﴾ وهي حال مقارنة، وإذا حملنا الساعة على وقت الموت كانت حالاً مقدرة ومجيء القدرة بالنسبة إلى المقارنة قليل، فيكون التكذيب متصلاً بهم مغياً بالحسرة إلى يوم القيامة إذ مكثهم في البرزخ على اعتقاد أمثلهم طريقة يوم واحد، كما قال تعالى :﴿ إن لبثتم إلا يوماً ﴾ فلما جاءتهم الساعة زال التكذيب وشاهدوا ما أخبرتهم به الرسل عياناً فقالوا ﴿ يا حسرتنا ﴾
وجوزوا في انتصاب ﴿ بغتة ﴾ أن يكون مصدراً في موضع الحال من ﴿ الساعة ﴾ أي باغتة أو من مفعول جاءتهم أي مبغوتين أو مصدراً لجاء من غير لفظه كأنه قيل حتى إذا بغتتهم الساعة بغتة، أو مصدر الفعل محذوف أي تبغتهم بغتة ونادوا الحسرة وإن كانت لا تجيب على طريق التعظيم.
قال سيبويه : وكان الذي ينادي الحسرة أو العجب أو السرور أو الويل يقول : اقربي أو احضري فهذا أوانك وزمنك وفي ذلك تعظيم للأمر على نفس المتكلم وعلى سامعه إن كان ثم سامع وهذا التعظيم على النفس والسامع هو المقصود أيضاً في نداء الجمادات كقولك يا دار يا ربع وفي نداء ما لا يعقل كقولهم : يا جمل، و﴿ فرطنا ﴾ قصرنا والتفريط التقصير مع القدرة على تركه، والضمير في ﴿ فيها ﴾ عائد على ﴿ الساعة ﴾ أي في التقدمة لها قاله الحسن، أو الصفقة التي تضمنها ذكر الخسارة قاله الطبري.
وقال الزمخشري : الضمير للحياة الدنيا جيء بضميرها وإن لم يجر لها ذكر لكونها معلومة، أو الساعة على معنى قصرنا في شأنها وفي الإيمان بها كما تقول : فرطت في فلان ومنه ﴿ فرطت في جنب الله ﴾ انتهى.