ومعنى فرط خلا السبق لغيره فالتضعيف فيه للسلب كجلدات البعير أزلت جلده وسلبته ﴿ فِيهَا ﴾ أي الحياة الدنيا كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أو في الساعة كما روي عن الحسن، والمراد من التفريط في الساعة التقصير في مراعاة حقها والاستعداد لها بالإيمان والأعمال الصالحة.
وقيل : الضمير للجنة أي على ما فرطنا في طلبها ونسب إلى السدي ولا يخفى بعده، وقول الطبرسي :"ويدل عليه ما رواه الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد عن النبي ﷺ أنه قال في هذه الآية :" يرى أهل النار منازلهم من الجنة فيقولون : يا حسرتنا " الخ لا يخلو عن نظر لقيام الاحتمال بعد وهو يبطل الاستدلال، وعن محمد بن جرير أن الهاء يعود إلى الصفقة لدلالة الخسران عليها وهو بعيد أيضاً، ومثل ذلك ما قيل : إن ما موصولة بمعنى التي، والمراد بها الأعمال والضمير عائد إليها كأنه قيل يا حسرتنا على الأعمال الصالحة التي قصرنا فيها، نعم مرجع الضمير على هذا مذكور في كلامهم دونه على الأقوال السابقة فإنه غير مذكور فيه بل ولا في كلامه تعالى في قص حال هؤلاء القائلين على القول الأول عند بعض فتدبر. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ﴾
استئناف للتعجيب من حالهم حين يقعون يوم القيامة في العذاب على ما استداموه من الكفر الذي جرّأهم على استدامته اعتقادهم نفي البعث فذاقوا العذاب لذلك، فتلك حالة يستحقّون بها أن يقال فيهم : قد خسِروا وخابوا.
والخسران تقدّم القول فيه عند قوله تعالى :﴿ الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ﴾ في هذه السورة [ ١٢ ].
والخسارة هنا حرمان خيرات الآخرة لا الدنيا.


الصفحة التالية
Icon