وشاع هذا التمثيل في القرآن وكلام الرسول ﷺ كما قال :" من أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه "، وفي القرآن ﴿ ليُنْذر يوْمَ التَّلاقِي ﴾ [ غافر : ١٥ ].
وقوله :﴿ حتّى إذا جاءتهم الساعة بغتة ﴾ ( حتّى ) ابتدائية، وهي لا تفيد الغاية وإنّما تفيد السببية، كما صرّح به ابن الحاجب، أي فإذا جاءتهم الساعة بغتة.
ومن المفسّرين من جعل مجيء الساعة غاية للخسران، وهو فاسد لأنّ الخسران المقصود هنا هو خسرانهم يوم القيامة، فأمّا في الدنيا ففيهم مَن لم يخسر شيئاً.
وقد تقدّم كلام على ( حتّى ) الابتدائية عند قوله تعالى :﴿ وإن يروا كلّ آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاؤوك يجادلونك ﴾ في هذه السورة [ ٢٥ ].
وسيجيء لمعنى ( حتى ) زيادة بيان عند قوله تعالى : فمن أظلم ممّن افترى على الله كذباً أو كذّب بآياته إلى قوله ﴿ حتّى إذا جاءتهم رسلنا ﴾ في سورة [ الأعراف : ٣٧ ].
والساعة : علَم بالغلبة على ساعة البعث والحشر.
والبغتة فعلة من البَغْت، وهو مصدر بغتَه الأمر إذا نزل به فجأة من غير ترقّب ولا إعلام ولا ظهور شبح أو نحوه.
ففي البغت معنى المجيء عن غير إشعار.
وهو منتصب على الحال، فإنّ المصدر يجيء حالاً إذا كان ظاهراً تأويلُه باسم الفاعل، وهو يرجع إلى الإخبار بالمصدر لقصد المبالغة.
وقوله : قالوا } جواب ( إذا ).
و﴿ يا حسرتنا ﴾ نداء مقصود به التعجّب والتندّم، وهو في أصل الوضع نداء للحسرة بتنزيلها منزلة شخص يسمع ويُنادي ليحضُر كأنّه يقول : يا حسرة احضري فهذا أوان حضورك.
ومنه قولهم : يا ليتني فعلت كذا، ويا أسفي أو يا أسفاً، كما تقدّم آنفاً.
وأضافوا الحسرة إلى أنفسهم ليكون تحسّرهم لأجل أنفسهم، فهم المتحسّرون والمتحسَّر عليهم، بخلاف قول القائل : يا حسرة، فإنّه في الغالب تحسّر لأجل غيره فهو يتحسّر لحال غيره.