وقال آخرون : معنى قوله ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ﴾ أي لا تزايلهم أوزارهم كما تقول شخصك نصب عيني أي ذكرك ملازم لي.
ثم قال تعالى :﴿أَلاَ سَآء مَا يَزِرُونَ﴾ والمعنى بئس الشيء الذي يزرونه أي يحملونه والاستقصاء في تفسير هذا اللفظ مذكور في سورة النساء في قوله ﴿وَسَاء سَبِيلاً﴾ [ سورة النساء : ٢٢ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٦٤﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ﴾ الأوزار الخطايا والآثام قاله ابن عباس، والظاهر أن هذا الحمل حقيقة وهو قول عمير بن هانئ وعمرو بن قيس الملائي والسدي واختاره الطبري، وما ذكره محصوله أن عمله يمثل في صورة رجل قبيح الوجه والصورة خبيث الريح فيسأله فيقول : أنا عملك طالما ركبتني في الدنيا فأنا اليوم أركبك فيركبه ويتخطى به رقاب الناس ويسوقه حتى يدخله النار، ورواه أبو هريرة عن النبي ﷺ بهذا المعنى واللفظ مختلف.
وقيل : هو مجاز عبر بحل الوزر عن ما يجده من المشقة والآلام بسبب ذنوبه، والمعنى أنهم يقاسون عقاب ذنوبهم مقاساة تثقل عليهم وهذا القول بدأ به ابن عطية ولم يذكر الزمخشري غيره قال كقوله :﴿ فبما كسبت أيديكم ﴾ لأنه اعتيد حمل الأثقال على الظهور كما ألف الكسب بالأيدي والواو في ﴿ وهم ﴾ واو الحال وأتت الجملة مصدرة بالضمير لأنه أبلغ في النسبة إذ صار ذو الحال مذكوراً مرتين من حيث المعنى وخص الظهر لأنه غالباً موضع اعتياد الحمل ولأنه يشعر بالمبالغة في ثقل المحمول إذ يطيق من الحمل الثقيل ما لا تطيقه الرأس ولا الكاهل، كما قال ﴿ فلمسوه بأيديهم ﴾ لأن اللمس أغلب ما يكون باليد ولأنها أقوى في الإدراك. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾