قال بعض أصحابنا : فذكر بما في التقليل والصرف إلى معنى المضيّ يعني إذا دخلت على المضارع قال : هذا ظاهر قول سيبويه، فإن خلت من معنى التقليل خلت غالباً من الصرف إلى معنى المضيّ وتكون حينئذ للتحقيق والتوكيد نحو قوله ﴿ قد نعلم إنه ليحزنك ﴾ وقوله ﴿ لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم ﴾ وقول الشاعر :
وقد تدرك الإنسان رحمة ربِّه...
ولو كان تحت الأرض سبعين واديا
وقد تخلو من التقليل وهي صارفة لمعنى المضي نحو قول :
﴿ قد نرى تقلب وجهك ﴾ انتهى.
وقال مكي :﴿ قد ﴾ هنا وشبهه تأتي لتأكيد الشيء وإيجابه وتصديقه و﴿ نعلم ﴾ بمعنى علمنا.
وقال ابن أبي الفضل في ري الظمآن : كلمة ﴿ قَد ﴾ تأتي للتوقع وتأتي للتقريب من الحال وتأتي للتقليل ؛ انتهى، نحو قولهم : إن الكذوب قد يصدق وإن الجبان قد يشجع والضمير في ﴿ إنه ﴾ ضمير الشأن، والجملة بعده مفسرة له في موضع خبر إن ولا يقع هنا اسم الفاعل على تقدير رفعه ما بعده على الفاعلية موقع المضارع لما يلزم من وقوع خبر ضمير الشأن مفرداً وذلك لا يجوز عند البصريين، وتقدم الكلام على قراءة من قرأ يحزنك رباعياً وثلاثياً في آخر سورة آل عمران وتوجيه ذلك فاغني عن إعادته هنا و﴿ الذي يقولون ﴾ معناه مما ينافي ما أنت عليه.
قال الحسن : كانوا يقولون إنه ساحر وشاعر وكاهن ومجنون.
وقيل : كانوا يصرحون بأنهم لا يؤمنون به ولا يقبلون دينه.
وقيل : كانوا ينسبونه إلى الكذب والافتعال.
وقيل : كان بعض كفار قريش يقول له : رئي من الجن يخبره بما يخبر به. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾