وقال الشوكانى :
﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الذين يَسْمَعُونَ ﴾ أي إنما يستجيب لك إلى ما تدعو إليه الذين يسمعون سماع تفهم بما تقتضيه العقول وتوجبه الأفهام، وهؤلاء ليسوا كذلك، بل هم بمنزلة الموتى الذين لا يسمعون ولا يعقلون لما جعلنا على قلوبهم من الأكنة، وفي آذانهم من الوقر، ولهذا قال ﴿ والموتى يَبْعَثُهُمُ الله ﴾ شبههم بالأموات بجامع أنهم جميعاً لا يفهمون الصواب، ولا يعقلون الحق، أي أن هؤلاء لا يلجئهم الله إلى الإيمان وإن كان قادراً على ذلك، كما يقدر على بعثة الموتى للحساب ﴿ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ إلى الجزاء فيجازى كلا بما يليق به كما تقتضيه حكمته البالغة. أ هـ ﴿فتح القدير حـ ٢ صـ ﴾
وقال السعدى :
﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ﴾ لدعوتك، ويلبي رسالتك، وينقاد لأمرك ونهيك ﴿ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ﴾ بقلوبهم ما ينفعهم، وهم أولو الألباب والأسماع.
والمراد بالسماع هنا: سماع القلب والاستجابة، وإلا فمجرد سماع الأذن، يشترك فيه البر والفاجر. فكل المكلفين قد قامت عليهم حجة الله تعالى، باستماع آياته، فلم يبق لهم عذر، في عدم القبول.
﴿ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ يحتمل أن المعنى، مقابل للمعنى المذكور. أي: إنما يستجيب لك أحياء القلوب، وأما أموات القلوب، الذين لا يشعرون بسعادتهم، ولا يحسون بما ينجيهم، فإنهم لا يستجيبون لك، ولا ينقادون، وموعدهم القيامة، يبعثهم الله ثم إليه يرجعون، ويحتمل أن المراد بالآية، على ظاهرها، وأن الله تعالى يقرر المعاد، وأنه سيبعث الأموات يوم القيامة ثم ينبئهم بما كانوا يعملون.
ويكون هذا، متضمنا للترغيب في الاستجابة لله ورسوله، والترهيب من عدم ذلك. أ هـ ﴿تفسير السعدى صـ ٢٥٥﴾


الصفحة التالية
Icon