وقال أبو السعود :
وقوله تعالى :﴿ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذّبُونَكَ ﴾ تعليل لما يُشعِر به الكلامُ السابق من النهي عن الاعتداد بما قالوا لكن لا بطريق التشاغل عنه وعدِّه هيناً والإقبالِ التام على ما هو أهمُّ منه من استعظام جحودهم بآيات الله عز وجل كما قيل فإنه مع كونه بمعزل من التسلية بالكلية مما يوهم كونَ حزنه عليه الصلاة والسلام لخاصة نفسه بل بطريق التسلِّي بما يفيده من بلوغه عليه الصلاة والسلام في جلالة القَدْرِ ورِفعة المحل والزُلفى من الله عز وجل إلى حيث لا غاية وراءَه حيث لم يقتصر على جعل تكذيبه عليه الصلاة والسلام تكذيباً لآياته سبحانه على طريقة قوله تعالى :﴿ مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله ﴾ بل نفى تكذيبَهم عنه عليه الصلاة والسلام وأثبت لآياته تعالى على طريقة قوله تعالى :﴿ إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ يُبَايِعُونَ الله ﴾ إيذاناً بكمال القرب واضمحلال شؤونه عليه الصلاة والسلام في شأن الله عز وجل. نعمْ فيه استعظامٌ لجنايتهم مُنْبىءٌ عن عظم عقوبتهم كأنه قيل : لا تعتدَّ به وكِلْه إلى الله تعالى فإنهم في تكذيبهم ذلك لا يكذبونك في الحقيقة.


الصفحة التالية
Icon