وقال أبو السعود :
وقوله تعالى :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِى الأرض ﴾ الخ، كلامٌ مستأنفٌ مَسوق لبيان كمال قدرتِه عز وجل وشمول علمه وسعةِ تدبيرِه ليكون كالدليل على أنه تعالى قادرٌ على تنزيل الآية، وإنما لا يُنزِّلُها محافظةً على الحِكَم البالغةِ، وزيادةُ ( من ) لتأكيد الاستغراق وهي متعلقةٌ بمحذوفٍ هو وصفٌ لدابة مفيد لزيادة التعميم، كأنه قيل : وما فردٌ من أفراد الدوابِّ يستقرّ في قُطر من أقطار الأرض وكذا زيادةُ الوصف في قوله تعالى :﴿ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ﴾ مع ما فيه من زيادة التقرير أي ولا طائرٍ من الطيور يطير في ناحية من نواحي الجو بجناحيه كما هو المشاهَدُ المعتاد، وقرىء ولا طائرٌ بالرفع عطفاً على محل الجار والمجرور كأنه قيل : وما دابة ولا طائر ﴿ إِلاَّ أُمَمٌ ﴾ أي طوائفُ متخالفةٌ، والجمع باعتبار المعنى كأنه قيل : وما مِنْ دوابَّ ولا طيرٍ إلا أممِ ﴿ أمثالكم ﴾ أي كلُّ أمة منها مثلُكم في أن أحوالها محفوظةٌ وأمورَها مقنَّنة ومصالحَها مرعيةٌ جاريةٌ على سَنن السَّداد، ومنتظمةٌ في سلك التقديرات الإلهية والتدبيراتِ الربانية. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾