وقال الآلوسى :
﴿ والذين كَذَّبُواْ بآياتنا ﴾ أي القرآن أو سائر الحجج ويدخل دخولاً أولياً، والموصول عبارة عن المعهودين في قوله عز وجل :﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ﴾ [ الأنعام : ٢٥ ] الخ أو الأعم من أولئك، والكلام متعلق بقوله سبحانه :﴿ مَّا فَرَّطْنَا ﴾ [ الأنعام : ٣٨ ] الخ أو بقوله جل شأنه ﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الذين يَسْمَعُونَ ﴾ [ الأنعام : ٣٦ ] والواو للاستئناف وما بعدها مبتدأ خبره ﴿ صُمٌّ وَبُكْمٌ ﴾ وجوز أن يكون هذا خبر مبتدأ محذوف أي بعضهم صم وبعضهم بكم.
والجملة خبر المبتدأ والأول أولى، وهو من التشبيه البليغ على القول الأصح في أمثاله أي أنهم كالصم وكالبكم فلا يسمعون الآيات سماعاً تتأثر منه نفوسهم ولا يقدرون على أن ينطقوا بالحق ولذلك لا يستجيبون ويقولون في الآيات ما يقولون.
وقوله سبحانه :﴿ فِى الظلمات ﴾ أي في ظلمات الكفر وأنواعه أو في ظلمة الجهل وظلمة العناد وظلمة التقليد في الباطل إما خبر بعد خبر للموصول على أنه واقع موقع ( عمي } ) كما في قوله تعالى :﴿ ﴾ ) كما في قوله تعالى :﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ ﴾ [ البقرة : ١٨، ١٧١ ] ووجه ترك العطف فيه دون ما تقدمه الإيماء إلى أنه وحده كاف في الذم والإعراض عن الحق، واختير العطف فيما تقدم للتلازم، وقد يترك رعاية لنكتة أخرى وإما متعلق بمحذوف وقع حالاً من المستكن في الخبر كأنه قيل : ضالون خابطين أو كائنين في الظلمات.
ورجحت الحالية بأنها أبلغ إذ يفهم حينئذٍ أن صممهم وبكمهم مقيد بحال كونهم في ظلمات الكفر أو الجهل وأخويه حتى لو أخرجوا منها لسمعوا ونطقوا، وعليها لا يحتاج إلى بيان وجه ترك العطف.


الصفحة التالية
Icon