وجوز أبو البقاء أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هم في الظلمات ؛ وأن يكون صفة لبكم أو ظرفاً له أو لصم أو لما ينوب عنهما من الفعل، وعن أبي علي الجبائي أن المراد بالظلمات ظلمات الآخرة على الحقيقة أي أنهم كذلك يوم القيامة عقاباً لهم على كفرهم في الدنيا.
والكلام عليه متعلق بقوله تعالى :﴿ ثُمَّ إلى رَبّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [ الأنعام : ٣٨ ] على أن الضمير للأمم على الإطلاق وفيه بعد.
وقوله سبحانه :
﴿ مَن يَشَإِ الله يُضْلِلْهُ ﴾ تحقيق للحق وتقرير لما سبق من حالهم ببيان أنهم من أهل الطبع لا يتأتى منهم الإيمان أصلاً فمن مبتدأ خبره ما بعده ومفعول ( يشأ ) محذوف أي إضلاله.
ولا يجوز أن يكون ( من ) مفعولاً مقدماً له لفساد المعنى، والمراد من يرد سبحانه أن يخلق فيه الضلال عن الحق يخلقه فيه حسب اختياره الناشىء عن استعداده، وجوز بعضهم أن يكون ﴿ مِنْ ﴾ في موضع نصب بفعل مقدر بعده يفسره ما بعده أي من يشق أو يعذب يشأ إضلاله.
﴿ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ على صراط مُّسْتَقِيمٍ ﴾ عطف على ما تقدم، والكلام فيه كالكلام فيه، والآية دليل لأهل السنة على أن الكفر والإيمان بإرادته سبحانه وأن الإرادة لا تتخلف عن المراد.
والزمخشري لما رأى تخرق عقيدته الفاسدة رام رقعها كما هو دأبه فقال :"معنى ﴿ يُضْلِلْهُ ﴾ يخذله ولم يلطف به و﴿ يَجْعَلُهُ ﴾ الخ يلطف به"، وقال غيره : المراد من يشأ إضلاله يوم القيامة عن طريق الجنة يضلله ومن يشأ يجعله على الصراط الذي يسلكه المؤمنون إلى الجنة وهو كما ترى.
وكان الظاهر على ما قيل : أن يقال ومن يشأ يهده إلا أنه عدل عنه لأن هدايته تعالى وهي إرشاده إلى الهدى غير مختصة ببعض دون بعض.
ولهذا قيل في تفسير ﴿ يَجْعَلُهُ ﴾ الخ أي يرشده إلى الهدى ويحمله عليه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾