فصل


قال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون ﴾.
في سبب نزولها أربعة أقوال.
أحدها : أن رجلا من قريش يقال له : الحارث بن عامر، قال : والله يا محمد ما كذبتنا قط فنتَّهِمَك اليوم، ولكنا إن نتَّبعْك نُتَخَطَّفْ من أرضنا، فنزلت هذه الآية رواه أبو صالح عن ابن عباس.
وقال مقاتل : كان الحارث بن عامر يكذِّب النبي في العلانية، فاذا خلا مع أهل بيته، قال : ما محمد من أهل الكذب، فنزلت فيه هذه الآية.
والثاني : أن المشركين كانوا إذا رأوا النبي ﷺ، قالوا فيما بينهم : إنه لَنبي، فنزلت هذه الآية، قاله أبو صالح.
والثالث : أن أبا جهل قال للنبي ﷺ : إنا لا نكذبك، ولكن نُكذب الذي جئت به، فنزلت هذه الآية، قاله ناجية بن كعب.
وقال أبو يزيد المدني : لقي رسولُ الله ﷺ أبا جهل فصافحه أبو جهل، فقيل له : أتصافح هذا الصابئ؟ فقال : والله إني لأعلم أنه نبي، ولكن متى كنا تبعاً لبني عبد مناف؟ فأنزل الله هذه الآية.
والرابع : أن الأخنس بن شريق لقي أبا جهل، فقال الأخنس : يا أبا الحكم، أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب؟ فليس هاهنا من يسمع كلامك غيري.
فقال أبو جهل : والله إن محمداً لصادق، وما كذب قط، ولكن إذا ذهب بنو قصي باللواء، والسقاية، والحجابة، والنُّبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟ فنزلت هذه الآية، قاله السدي.
فأما الذي يقولون، فهو التكذيب للنبي ﷺ، والكفر بالله.
وفي الآية تسلية للنبي ﷺ وتعزية عما يواجهون به. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon