وفي بعض الآثار أن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف أتى رسول الله ﷺ في محضر من قريش فقالوا : يا محمد ائتنا بآية من عند الله تعالى كما كانت الأنبياء تفعل وإنا نصدقك فأبى الله تعالى أن يأتيهم بآية مما اقترحوا فأعرضوا عن رسول الله ﷺ فشق ذلك عليه عليه الصلاة والسلام لما أنه كان ﷺ شديد الحرص على إيمان قومه فكان إذا سألوه آية يود أن ينزلها الله تعالى طمعاً في إيمانهم فنزلت :﴿ فَإِن استطعت ﴾ أي إن قدرت وتهيأ لك ﴿ أَن تَبْتَغِىَ ﴾ أي تطلب ﴿ نَفَقاً فِى الأرض ﴾ "هو السَّرَب فيها له مخلص إلى مكان" كما في "القاموس"، وأصل معناه جحر اليربوع، ومنه "النافقاء لأحد منافذه، ويقال لها النُفَقَة كهُمَزَة وهي التي يكتمها ويظهر غيرها فإذا أُتِيَ من القاصِعَاء ضربها برأسه فانتفق" ومنه أخذ النفاق، والجار متعلق بمحذوف وقع صفة ﴿ نَفَقاً ﴾ والكلام على التجريد في رأي، وجوز تعلقه بتبتغي وبمحذوف وقع حالاً من ضميره المستتر أي نفقاً كائناً في الأرض أو تبتغي في الأرض أو تبتغي أنت حال كونك في الأرض ﴿ أَوْ سُلَّماً فِى السماء ﴾ أي مرقاة فيها أخذاً من السلامة، قال الزجاج : لأنه الذي يسلمك إلى مصعدك، وهو كما قال الفراء : مذكر واستشهدوا لتذكيره بقوله تعالى :﴿ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ﴾ [ الطور : ٣٨ ] ثم قال : وأنشدت في تأنيثه بيتاً أنسيته انتهى.
قال الغضايري : البيت الذي أنسيه الفراء بيت أوس وهو : لنا سلم في المجد لا يرتقونها...
وليس لهم في سورة المجد سلم
وأنشدوا أيضاً في تذكيره
: الشعر صعب وطويل سلمه...
إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمهيريد أن يعربه فيعجمه
و﴿ فِى السماء ﴾ نظير ما في الجار قبله من الاحتمالات.
﴿ فَتَأْتِيَهُمْ ﴾ أي منهما ﴿ بِئَايَةٍ ﴾ مما اقترحوه من الآيات.
والفاء في صدر هذه الشرطية جوابية وجواب الشرط فيها محذوف.


الصفحة التالية
Icon