ولك تقديره أتيت بصيغة الخبر أو فافعل فعل أمر ؛ والجملة جواب للشرط الأول، والمعنى إن شق عليك إعراضهم عن الإيمان وأحببت أن تجيبهم عما سألوه اقتراحاً ليؤمنوا فإن استطعت كذا فتأتيهم بآية فافعل، وفيه إشارة إلى مزيد حرصه ﷺ على إيمان قومه وتحصيل مطلوبهم واقتراحهم مع الإيماء إلى توبيخ القوم أو المعنى أن شق عليك إعراضهم فلو قدرت أن تأتي بالمحال أتيت به، والمقصود بيان أنه ﷺ بلغ في الحرص على إيمانهم إلى هذه الغاية، وفيه إشعار ببعد إسلامهم عن دائرة الوجود كما لا يخفى على المتدبر، وإيثار الابتغاء على الاتخاذ ونحوه للإيذان بأن ما ذكر من النفق والسلم مما لا يستطيع ابتغاءه فكيف باتخاذه.
وجوز أن يكون ابتغاء ذينك الأمرين أعني نفس النفوذ في الأرض والصعود إلى السماء آية، فالفاء في ﴿ فَتَأْتِيَهُمْ ﴾ حينئذ تفسيرية وتنوين ﴿ ءايَةً ﴾ للتفخيم، والمعنى عليه فإن استطعت ابتغاءهما فتجعل ذلك آية لهم فعلت.
ورده أبو حيان بأن هذا لا يظهر من ظاهر اللفظ إذ لو كان كذلك لكان التركيب فتأتيهم بذلك آية أي أية، وأيضاً فأي آية في دخول سرب في الأرض وإن صح أن يكون الرقي إلى السماء آية، وما ذكرناه من أن إيتاء الآية منهما هو الظاهر المتبادر إلى الأذهان.
ورواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "الأسماء والصفات" عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقيل : إن المراد فتأتيهم بآية من السماء وابتغاء النفق للهرب، وأيد بما أخرجه الطستي عن نافع بن الأزرق أنه قال لابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أخبرني عن قوله تعالى :﴿ فَإِن استطعت أَن تَبْتَغِىَ نَفَقاً فِى الأرض ﴾ فقال رضي الله تعالى عنه سرباً في الأرض فتذهب هرباً وفيه بعد، وخبر ابن الأزرق قد قيل فيه ما قيل. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon