وقد تقدّم عند قوله تعالى :﴿ أفغير دين الله تبغون ﴾ في سورة [ آل عمران : ٨٣ ]، أي أن تَطْلُبَ نَفَقاً أو سُلّماً لتبلغ إلى خبايا الأرض وعجائبها وإلى خبايا السماء.
ومعنى الطلب هنا : البحث.
وانتصب نفقاً } و﴿ سُلّما ﴾ على المفعولين ل ﴿ تبتغي ﴾.
والنفق : سرب في الأرض عميق.
والسّلَّم بضمّ ففتح مع تشديد اللاّم آلة للارتقاء تتّخذ من حبلين غليظين متوازيين تصل بينهما أعواد أو حبال أخرى متفرّقة في عرض الفضاء الذي بين الحبلين من مساحة ما بين كلّ من تلك الأعواد بمقدار ما يرفع المرتقي إحدَى رجليه إلى العود الذي فوق ذلك، وتسمّى تلك الأعواد دَرَجَات.
ويجعلُ طول الحبلين بمقدار الارتفاع الذي يراد الارتقاء إليه.
ويسمَّى السلّم مِرْقاة ومِدْرَجة.
وقد سمّوا الغرز الذي يرتقي به الراكب على رحل ناقته سُلّما.
وكانوا يرتقون بالسلّم إلى النخيل للجذاذ.
وربما كانت السلاليم في الدور تتّخذ من العود فتسمّى المرقاة.
فأمّا الدرج المبنيّة في العَلالي فإنّها تُسَمَّى سُلّماً وتسمّى الدّرَجة كما ورد في حديث مقتل أبي رافع قول عبد الله بن عتيك في إحدى الروايات
" حتّى انتهيت إلى دَرَجة له "، وفي رواية " حتّى أتيت السلّم أريد أن أنزل فأسْقُطُ منه "
وقوله ﴿ في الأرض ﴾ صفة ﴿ نفقاً ﴾ أي متغلغلاً، أي عميقاً.
فذكر هذا المجرور لإفادة المبالغة في العمق مع استحضار الحالة وتصوير حالة الاستطاعة إذ من المعلوم أنّ النفق لا يكون إلاّ في الأرض.
وأمّا قوله :﴿ في السماء ﴾ فوصف به ﴿ سُلّما ﴾، أي كائناً في السماء، أي واصلاً إلى السماء.
والمعنى تبلغ به إلى السماء.
كقول الأعشى
ورُقّيتَ أسبَاب السّمَاء بسُلّم...
والمعنى : فإن استطعت أن تطلب آية من جميع الجهات للكائنات.


الصفحة التالية
Icon